أتدري لماذا لا ينام أهل الجنة ؟
عن جابر رضي اللّٰه عنه قيل يا رسول الله أينام أهل الجنة ؟ قال لا : النوم أخو الموت !
وأهل الجنة لا يموتون ولا ينامون ( أخرجه الطبراني والبيهقي وصححه الألباني )
التحليل : قال تعالى : ” وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ،
ذلكم في الحياة الدنيا ؛ أما في الجنة فليس هناك ليل ولا نهار ، ولا شمس ولا قمر ، سوى نور الواحد القهار !
لأن كل شيء في الجنة يتغير قال تعالى :
لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا.
وقال شيخ الإسلام : نَعرف البُكْرة والعَشِيِّ بنور يظهر من قِبَلِ العرش.
وقال العلماء : يُعْرَفُ مقدارُ الليل بإسدال الحُجُب والستائر ويُعْرَف مقدار النهار برفعها.
ليس في الجنة عمل ولا تكليف يُرْهِق أهْلَها حتى يضطروا للنوم ؛ ولا يعتريهم مرض ولا ألم أووجَع ؛
إنما هو إستمتاع دائم ! كما جاء على لسانهم في قوله تعالى : الذي أحَلَّنا دار المُقامة من فضله لايَمَسُّنا فيها نصب ولايمَسُّنا فيها لُغوب.
فهم في لذة لا تنقطع قال تعالى : إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون.
إن أصحاب الجنة يُقَسِّمون أوقاتهم حسب رغباتهم واختياراتهم !
يستفتحون برنامجهم بتجمع العائلة داخل القصور والغرف ؛ تحْضُره زوجات الدنيا والآباء والأبناء ،
ويَنْضَمُّ إليهم الأجدادُ والأحفاد في جو يسوده الحُبور والسرور كما تفعلون في الدنيا خلال الأعياد والحفلات والمناسبات.
قال تعالى : ” جناتُ عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم.
ثم يقومون بتبادل الزيارات مع الأقارب والأحباب في الغرف من فوقهم ومن أسفلَ منهم عبر مرْكَبات فضائية ،
قال رسول اللّٰه صل اللّٰه عليه وسلم : يتزاورُ أهلُ الجنة على نُوقٍ بِيضٍ كأنهن الياقوت عليها الحشايا ” ( الطبراني ) الحشايا : فرش محشوة.
إقرأ أيضا: سورة الممتحنة من هي الممتحنة؟
ثم يُحَوِّلون وجهتهم نحو الفسحة والمتعة من خلال القيام بجولات سياحية عبر خيول مُسَرَّجة للتنزه في الحدائق والبساتين ؛
يغترفون من عسل الأنهار وزنجبيل العيون ، ويستظلون بظل الأشجار.
سُئِل رسولُ اللّٰه صل اللّٰه عليه وسلم هل في الجنة خيل ؟ فقال : إذا أدخلك اللّٰه الجنة فلا تشاء أن تُحْمَل على فرس من ياقوتة حمراء ،
له جناحان ، يطير بك في الجنة حيث تشاء ” ( الترمذي ) وفي رواية لإبن أبي الدنيا.
خيل الجنة مسرجة من ذهب وملجمة بالدر والياقوت لها أجنحة يركبها أهل الجنة فتطير بهم حيث شاءوا.
ثم يعودون لمُعافَسة الأزواج اللائي ينتظرهم بأحر الأشواق لمعالجتهن ومشاركتهن الأفراح والسرور وسط أجواء حميمية تتخللها المداعبة والملاعبة والمرح ؛
ثم يطيرون عبر المركبات لتفقد زوجاتهم المرابطات في الخيام.
قال رسول اللّٰه صل اللّٰه عليه وسلم : إن للمومن في الجنة خيمةٌ من لؤلؤة مجوفة في كل زاوية منها له فيها أهلون يطوف عليهم لا يراهم الآخرون ” ( مسلم )
ثم يعودون للقاء الأحبة يجتمعون على مَآدِبَ من أطباق الأكل المتنوع والمشروب المختلف ؛
يقضون أوقاتا مرحة مفعمة بالمحبة والسعادة قال تعالى : ونزعنا ما في صدورهم من غِل ، إخوانا على سرر متقابلين.
يتبادلون الكلام ، فيخوضون في الحديث عن الدنيا وكيف مرت عليهم بحُلُوِّها ومُرِّها ،
وكيف إستطاعوا النجاة من النار والفوز بالجنة بفضل اللّٰه وبرحمته.
قال تعالى : وأقْبَل بعضُهم على بعض يتساءلون ، قالوا إنا كنا قَبْلُ في أهلنا مشفقين ، فَمَنَّ اللّٰه علينا ووقانا عذاب السَّموم ، إنا كنا مِنْ قَبْلُ ندعوه أنه هو البَرُّ الرحيم.
وفي يوم الجمعة يأتون أسواق الجنة ! يتعارفون فيما بينهم ويجْلُبون منها ما يشاءون.
إن أهل الجنة لا يسأمون ولا يَمَلُّون ؛ لأن لهم فيها ما يريدون عن أبي هريرة رضي اللّٰه عنه أن رسول اللّٰه صل اللّٰه عليه وسلم قال :
استأذن رجلٌ من أهل الجنة ربَّه في الزرع فقال اللّٰهُ ألست فيما ترى ؟ قال بلى ! ولكني أحب الزرع ؛ فبَذَر فبادَر الطرفُ نباتُه ،
واستواؤُه واسْتِحْصادُه حتى صار أمثالَ الجبال !
إقرأ أيضا: جلس الخليفة أبو جعفر المنصور في إحدى قباب بغداد
فقال دُونَك يا ابنَ آدم فإنه لايُشْبِعُكَ شيء ( البخاري )
فكُلُّ الأماني تبقى مفتوحة لأهل الجنة قال رسول اللّٰه صل اللّٰه عليه وسلم : ” المومنُ إذا اشتهى الولدَ ! كان حَمْلُه ووَضْعُه في ساعة. الترمذي
ناهِيكَ عن أجواء الفخر والشرف أثناء مقابلتهم الملائكة الأطهار قال تعالى :
والملائكةُ يدخلون عليهم من كل باب ؛ سلام عليكم بما صبرتم ، فنِعْمَ عُقْبى الدار.
أضِف إلى ذلك اِستئناسُهم بالخَدَم الحِسان ، المُدَرَّبين على خدمة أهل الجنة ، ورهن إشارتهم في كل مايطلبون قال تعالى :
ويطوف عليهم ولدان مخلدون ؛ إذا رأيتهم حَسِبْتهم لؤلؤا منثورا.
تعبيرا عن الأناقة والجمال.
ثم يُرَتِّبون للقاء الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام ، والخلفاء الراشدين ، والصحابة الكرام.
قال رسول اللّٰه صل اللّٰه عليه وسلم : إن من أحَبِّكم إلي وأقرَبِكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسِنُكم أخلاقا. الترمذي
ومن رغِب في رؤية الأنبياء والرسل خاصة أولي العزم منهم ، فلا يُرَدُّ طلبُه ! لأن اللّٰه تبارك وتعالى يقول :
“ولكم فيها ماتَدَّعون ” أي ما تطلبون.
أما قمة السعادة فتبقى تلك المتعلقة برؤية اللّٰه عز وجل ، ونشوة الإنتظار التي تسري في قلوب المحبين ،
فتغمرهم فرحةٌ لا مثيل لها ، خاصة عندما يُشْرِف عليهم الجبار ! فلا شيءَ أحبَّ إليهم من تلك اللحظة فهل يبقى لهم وقتٌ للنوم ؟
لِيُغَيَّبوا في السُّبات ، ويتركوا الملذات !
فالنوم لا يُسَلَّط عليهم ولا يَقرَبُهم أصلا ، لأنهم إنتقلوا من حال إلى حال ! فاستوطنوا جناتٍ عرضُها السماواتُ والأرض ؛
سقفُها عرشُ الرحمان ، وترابُها المسك والزعفران.
مُعَبِّرين عن رضاهم كما جاء في قوله تعالى : دعواهم فيها سبحانك اللهم ! وتحيتهم فيها سلام ، وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.