أحبني طفل الجزء الرابع
أحبني طفل الجزء الرابع
من اللحظة الأولى التي عُقِدَ بها قراننا حتى مرور ساعة ، كانت من أجمل الأوقات التي عشتها في حياتي ،
إلى أن غيرت اسمه” لزوجي حبيبي ” ، وأرسلت له رسالة كتبت بها اشتقت لك يا زوجي الغالي ،
وبعد مرور وقت قصير ردّ بمساء الخير ، كان رده كالصفعة التي أعادتني للواقع ، فأرسلت له رسالة كتبت بها ما بك؟!
فإذا به أرسل لي كل ما كان بقلبه : أتعلمين من بعد تخليكِ عني ، من الذي واساني ووقف معي لحين خروجي من أزمتي النفسية ؟!
من ؟!
فتاة تعرفت بها على مواقع التواصل ، حكيت لها كل ما جرى بيننا ومن حينها وأنا وهي على تواصل ،
ولمحاسن الصدف أني أنا وهي نحيا بمدينة واحدة.
حينها قلت أنه حتماً قد أعدَّ مقلباً ويريد أن يرى ردَّ فعلي ، فقلت له ممازحة : إن كنتَ جاد أرسل لي رقمها.
فإذا به أرسل رقمها ، وقال : أرجو أن تتحدثي معها ، لعلكِ تصبحين مثلها ، فأنا وهي قد تفاهمنا لأقصى درجة.
للحظة شعرتُ أنَّ دماغي قد توقف عن العمل ، فقلت له : ولماذا عدتَ لي ولم تتزوجها هي ؟!
حينها لم يرد فاتصلت به مراراً ولكنه أطفأ هاتفه كليا.
لم أجرؤ أن أخبر أحداً من والداي خشية من رد فعلهما ، فالتزمت الصمت وبقلبي بركان يغلي ،
أمضيتُ ساعتين كأني على جمر أحترق ، وأنا أنتظر أن يفتح هاتفه ويرد عليَّ ، فإذا برسالة أتتني من رقم تلك الفتاة ، قالت بها :
مساء الخير ، أنا صديقة زوجكِ تعرفت إليه بعد انفصالكما بمدة قصيرة ، وحكى لي كل قصتكما ،
كم أنتِ محظوظة به ، إن أردتي بإمكاني أن أشرح لكِ طريقة تفكيره ، لعلكما تحظيان بزواج سعيد خالٍ من المشاكل.
شُلَّ دماغي عن التفكير ، ولم أعلم بماذا سأجيبها ، وبعد دقائق أرسلت لها : لن تعرفيه بِقَدْر معرفتي به.
إقرأ أيضا: لست بكل هذا التعقيد الذي يبدو لك الآن
فإذا به أرسل لي رسالة كتب بها : إني أعتبرها مجرد صديقة ، لكنها مع الوقت اعترفَتْ بحبها لي ،
وطالما أني تزوجتُكِ حتماً سأنهي علاقتي بها ، لكني لا أستطيع أن أقوم بذلك فجأة كي لا أصيبها بصدمة وأكون نذلاً معها ،
بعد أن وقفت بجانبي كل تلك المدة ، لكني من ناحية الحب لا أحب سواكِ.
صمتت لبرهة ثم أرسلت له : أرجو ذلك ، فالذي جعلني أحبك حباً شديداً هو وفائك وحبكَ لي وحدي.
وأنا لا زلت كذلك.
لم أعتقد يوماً أنَّي سأصل معه لمرحلة أتقبل بها أمراً كهذا ، تقبَّلتُ أن يكون له صديقة تفهمه ،
وتقبَّلتُ أن تكون صفتي زوجته التي لا تفهمه ، مما جعلني أوقن أنَّ حبي له أصبح حباً أعمى.
أمضينا أياماً تحدثنا بها ليلاً ونهاراً تارة برسائل مكتوبة وتارة بمقاطع صوتية ، وأحياناً بمكالمات دولية ،
كم رجوتُ لو ألمس بكلماته الدفء الذي كنت ألمسه بالماضي ،
لكنه كان على الدوام جافاً في الحديث معي فشعرتُ كأني لا أعرفه ، مما جعلني أرسل له رسالة :
هل أنتَ متأكد بأنك لا زلتَ تحبني ؟!
ولمَ السؤال ؟!
كلماتك معي ميتة لم تعد تنبض بالحياة كالسابق ، نبرة صوتك كمن يتحدث مع غريبة عنه.
فإذا به أرسل أبياتاً من الشعر ، لكن من يأتيه الحب بعد أن يشحذه ، سيكون تأثيره كأنه لم يأتي ،
مما جعلني أشك أنَّ ما بينه وبين تلك الفتاة أعمق من الصداقة ، إلى أن حصل ما أكد صحة شكوكي .
في يوم إجازته عندما حل المساء ، أردت أن أتحدث معه طوال الليل عن حياتنا المستقبلية معاً كون سفري إليه قد اقترب ،
فأرسلت له رسالة كتبت بها : مساء الخير حبيبي ، كيف حالك ؟!
بما أن اليوم إجازتك ونحن في أول المساء ، دعنا نتحدث معاً.
فأرسل لي : أنا متعب ، ولا طاقة لي للحديث.
شعرت بالخوف عليه فأرسلت له : ما بك؟! ما الذي يؤلمك؟! هل أخذت دواء ، تمدد لساعة أو أكثر لكي ترتاح ، وأنا سأنتظرك.
فقال لي : أشعر بإرهاق ، أريد أن أنام من الآن لحين وقت عملي فجراً ، أغلقي الإنترنت ولا تنتظريني.
إقرأ أيضا: أحبني طفل الجزء الأخير
لم أرغب في أن أصرّ عليه أن يسهر معي ، كي لا أزعجه ، فأرسلت له :
كما تريد حبيبي ، حالما تصحو أرسل لي أنك بخير.
أكيد .
في صباح اليوم التالي أرسلت صديقته لي رسالة كتبت بها :
عزيزتي ، لماذا لا تعتني بزوجكِ كما يجب ، فبالأمس وطوال الليل كان يتحدث معي ، لكن أرجوكِ لا تخبريه كي لا يغضب مني.
شعرت كأنَّ قلبي سيتوقف من هول ضرباته ، وتسارعت أنفاسي ، فأرسلت له الرسالة التي أرسلتها الفتاة وأردفتُ قائلة :
هل كلامها صحيح ؟! تأملتُ أن يقول لي ، إنها كاذبة لكنه قال :
أعتذر فقد أرسلت لي رسالة بعد أن أغلقتي الإنترنت ، فقمت بالرد عليها ولم أشعر كيف أمضينا الليل في الحديث.
فأرسلت له مقطع صوتي وأنا أصرخ : ولماذا لم تشعر نفس الشعور عندما قمت بالرد عليّ ؟!
هل هي صديقتك أم عشيقتك؟!
فقال بصوت يرتبك : لقد تحدثت معها بمقاطع صوتية ، فقد كنت متعباً لدرجة أنَّ أصابعي لم تساعدني على الكتابة.
فعاودت الصراخ قائلة : ولماذا لم تتحدث معي بمقاطع صوتية كما تحدثت معها ؟!
هذا لأنك تخونني معها ، وما يدريني لعلكما أمضيتما الليل بمنزل واحد.
تسارعت ضربات قلبي أكثر ، مما جعلني أغلق الهاتف ، وبلحظة شعرت أن قلبي ينقبض وكأنه أوشك على التوقف ، فصرخت قائلة :
أنا أختنق .
هرول والداي نحوي ، وقام أبي بضغطات متتالية على قلبي وهو يقول لي تنفسي ببطء ،
اهدئي ، لكن وفجأة تشنجت يداي وقدماي ، ثم أطبقَت شفتاي ، فحملني أبي وقام بإسعافي لأقرب مشفى.
بعد أن أعطوني حقنة مهدئة ، سمعت الطبيب يقول :
تعرَّضَت لصدمة نفسية لم يستطع عقلها أنْ يتحملها ، وهذا سبب تشنجها.
طوال طريقي كنت أقول : من اعتقدت بأنه وفي ويحبني ، بحياته امرأة أخرى ، استطاعَت أخذه مني من قبل أن يصبح لي.
صحوت على كابوس رأيته به مع امرأة ، جالسان مع بعضهما ويضحكان ، وأنا أنظر لهما وأتحسر قهراً ، قفزت أبحث عن هاتفي ،
فرأيتُ والداي يمسكانه ، فقال لي والداي :
تحدثي معه ، واسمعي ماذا يريد أن يقول ،
فهو لم يعد خطيبك كالسابق ، فقد أصبح زوجك.
فقالت لي والدتي : وفي المساء سنذهب سوياً لزيارة أمه ، لنسمع ما الذي لديها لتقوله.
وما إن أخدت هاتفي ، حتى سمعت أبي يقول :
لو لا أني على يقين أنها تحبه ، لما سمحت لها بالحديث معه ،
لكنها إن لم تتركه من تلقاء نفسها وعن قناعة ، ستنقم علينا طوال حياتها ، وتبقى تحبه للأبد ، ولن ترضى أن تتزوج بعده.
يتبع ..