أحب المحيط الذي أعيش فيه ، لكن لا أتقبل أن تكون هذه حياتي إلى الأبد ،
هذه الحياة واقعية أكثر مما يجب وأنا شخص يتنفس هواءا وخيال!
أشعر وكأنني خلقت لأعيش في فيلم كارتون أو بين صفحات رواية ، أو حتى في عالم لا وجود له سوى في خيالي أنا.
أما هذه الحياة فواقعية أكثر مما يجب وأنا كما قلت شخص يتنفس هواءا وخيال.
أحلم أن أعيش في الريف الأوربي مثلا ، أو بين فلاحي سويسرا بعيدا عن هواء المدينة الخانق وازدحامها المخيف.
أود أن أصحو في السادسة صباحا لألهو مع العصافير ، كل منا يزقزق على طريقته.
أتفقد الدجاج ، وأتساءل لماذا لم تضع الدجاجة الحمراء بيضها منذ يومين.
هل أغضبها ديك حديقتي الأحمق أم أحزنها شيء آخر؟ سئمت مشاكلي أرغب بهذا النوع من المشاكل!
أن أجمع البيض ، ألونه ثم أوزع بعضه على فلاحي القرية ، أطلب منهم أن يكونوا سعداء فهناك من يرغب برؤيتهم كذلك.
أن أقطف الورود الحمراء وأهدي منها أي عابر سبيل.
سأطلب منه أن يمنحها لأول فتاة تقابله.
أن أخبز فطائر التفاح التي أحبها وأحتسي قهوتي قبل أن تدق عقارب السابعة.
أتأمل شروق الشمس وأشكر الواهب العظيم الذي منحني حياة لطالما حلمت بها.
أحب أن أصحب كلبي في جولة إلى محطة القطار التي تبعد عن بيتي أقل من دقيقتين ،
أتأمل المسافرين وأربت على كتف فتاة لطيفة تبكي ،
أو أبارك لعروس ترتدي فستان زفافها ، أو أخبر عجوزا ينتظر القطار بأنه يبدو كشاب في الثلاثين من عمره.
أن أتأمل شاب حزين محاولة معرفة سبب مشكلته ، سأحدثه حتما لكنني لا أدري ماذا سأقول له.
يارب هذه الحياة واقعية أكثر مما يجب وأنا شخص يتنفس هواءًا وخيال.
أن أعود لشرفتي وأتأمل سقوط المطر ، وأبتهج لشمس الصيف ،
وأحار هل أحب الربيع أكثر أم أنني شخص فقط متيم بالخريف؟
أن أصادق النجوم ، أنا متأكدة بأنها ستحبني أكثر من أي بشر ، سأطلق على بعضها أسماءا أحبها ، أناديها بها كل ليلة.
إقرأ أيضا: هل تعلم 13 معلومة
سأزرعُ زهورا كثيرة وسأنادي شجرة البرتقال العتيقة “بأمي”.
وسأكتب خطابات كثيرة عن الحرية والحب والسلام وأرسلها لبريد أناس مجهولين ،
أو ربما وزعتها على مرتادي المحطة من مسافرين.
سأبحث جاهدة عن فتى المحطة الأول سأمنحه أجمل بطاقة وأسأله هل وجد حلا لمشكلته أم نفكر في حلها سويا؟!
سأرتدي فستانا أبيضا مزكرشا بزهور صفراء ، وقبعة ذهبية كضفائري وأركض في الحقول حيث الفلاحون يحصدون سنابلهم.
سأجمع أطفال القرية ونغني لهم ، ثم نمسك بالسلال لنجمع الفواكه ثم نصنع مربى الفراولة التي أحبها.
سأذهب يوما إلى المدينة ، لا سبب مهم للذهاب إليها لكنني فقط أحببت القطار المنساب بين الحقول الخضراء فأردت تجربته.
سأجلس بمحاذة النافذة أتامل أشجار المانجو التي تعبق برائحتها الهواء من حولي ،
ترتطمُ قدمي بحذاء الجالس أمامي فأرفع إليه بصري لأعتذر منه ، أووووه إنه فتى المحطة الأول.
سأسأله هل حلت مشاكله؟ لكنه سيخبرني بأنها زادت واحدة ،
فأعلم أنه يقصدني بالمشكلة الجديدة لكنني سأدعي عدم الفهم ، وأصمت.
يوما ما سأنهي قراءة الكتب بمكتبتي ، وسأضطر للذهاب إلى المدينة ،
لن أعود لقريتي قبل أن أعثر على كتاب معين.
ستخبرني أمينة المكتبة بأنه لا يتوفر منه سوى نسخة واحدة ، يقرأ منها هذا الشاب الجالس هناك.
سأذهب إليه لأشتريها منه ، أووووه إنه هو فتى المحطة الأول أيعقل؟
سنثرثر كثيرا في أحاديث شتى ، سأحدثه في مشكلته الجديدة وسأطلب منه أن نحلها سويا ، فنتزوج!
سننهي حياتين لتبدأ واحدة جديدة ، أبهج مما مضت ،
نفكر سويا بالدجاجة الحمراء ومشكلة وضع البيض ، ننادي معا شجرة البرتقال بأمي.
عندما نختلف نرسل لبعضنا رسائل مع النجوم ، إنها تعرفنا جيدا وتحبنا.
نغني معا للفلاحين في الحقول ، نوزع بطاقات على المسافرين لكنه يحب أن لا أتوقف أبدا عن أن أمنحه بطاقة كتبتها خصيصا له.
نهدي الزهور للمارة وأسأله أين زهرتي فيتساءل : أتهدى الزهور للزهور؟!
يا رب أحلم بحياة كهذه فحياتنا واقعية أكثر مما يجب وأنا شخص يتنفس هواءا وخيال.