أرشد النبي صل الله عليه وسلم أمته إلى الرفق في كل الأمور ، والسعي في الدنيا ، مع التوكل على الله وعدم التكالب عليها.
وفي هذا الحديث عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول اللهِ صل الله عليه وسلم :
“أيها النَّاسُ اتَّقُوا اللهَ” وهذا أمر بتقوى الله والخوف منه مع مراعاة أوامره ونواهيه “وأجْمِلُوا في الطَّلبِ” ،
أي : اعتَدِلوا واتَّئِدوا ، فلا تُفرِّطوا في الطَّلبِ والسَّعيِ فيها “فإنَّ نفسًا لن تموتَ حتَّى تستوفيَ رزقَها وإنْ أبطأَ عنها” ،
أي : أنَّ الرزقَ مقدَّرٌ مِن اللهِ وسوفَ يصلُ لكلِّ واحدٍ منهم ما قُدِّر له مِنَ الرِّزقِ وإن تأخَّرَ فيما يراه العبد ،
ولكنَّ قَدْرَ الرِّزقِ وموعدَه مُقدَّرٌ عند اللهِ “فاتقوا اللهَ وأجملِوا في الطلبِ”
أي : خُذُوا ما حلَّ ودعوا ما حرم” وهذه توجيه للإكتفاء والقناعة بالحلال والبعد عن الحرام ، وعدم التكالب على الدنيا.
وقد وردَ عندَ ابنِ ماجه أيضا ما يزيدَ الأمْرَ تَوضِيحًا مِن روايةِ أبي حُمَيْدٍ السَّاعديِّ ،
أنَّ رَسولَ اللهِ صل الله عليه وسلم قال :
“أجْمِلُوا في طلبِ الدُّنيا فإن كلًّا مُيسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له” ، أي: مُهيَّأٌ لِمَا خلَقَه اللهُ من أجْلِه ؛
فقد بيَّنَ اللهُ لهم طَريقَ الخيرِ وطريقَ الشَّرِّ ، والَّذي سيكونُ من أهلِ الجنَّةِ سيعمَلُ بالأعمالِ الَّتي توصِلُه إلى الجنَّةِ ،
والَّذي يكونُ من أهلِ النَّارِ سيعمَلُ ويختارُ بمَشيئتِه وإرادتِه الأعمالَ الَّتي تُوصِلُه إلى النَّارِ.
وهذا لا يُنافي الأمْرَ بالعَملِ والسَّعيِ في الأرضِ لابتغاءِ الرِّزق ، ولكنَّه تهذيبٌ للسَّعي ،
وإرشادٌ لعدمِ التَّكالُبِ على الدُّنيا وعدَمِ الحُزنِ على ما فات منها ؛ فإنَّه تعالى قد قدَّرَ الرِّزقَ وكتَبَه ، وقدَّرَ له سببًا هو الطَّلبُ بالإجمالِ.
إقرأ أيضا: دعوة الرسول بتمزيق ملك كسرى
وفي الحديث : الأمرُ بالرِّفقِ في طلَبِ الدُّنيا والإهتِمامِ بطاعةِ اللهِ ؛ فإن كل شَيء مُقدَّرٌ منه سُبحانَه.
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه
الصفحة : 1756.