أصحاب الأخدود
أصحاب الأخدود
لماذا مات أصحاب الأخدود كلهم؟!
كان من الممكن أن يكذبوا على الملك ويخفوا إيمانهم ويسكتوا عن بالحق ، في سبيل مصلحة الدعوة والدين!
هل سيستفيد الدين من موتهم؟!
ومن ينشر الحق بعدهم؟! لماذا لم يستسلموا لأنهم في فترة استضعاف وعاشوا لكي يقوموا بتربية جيل النصر.
ولماذا لم يستسلم سيدنا إبراهيم للنمرود بن كنعان الذي كان يمتلك القوة والبطش والظلم والجنود والسجون وأدوات التعذيب!
لماذا لم يستسلم عبد الله بن حذافة لقيصر الروم الذي أغراه بملذات الدنيا وعذبه برؤية الأسرى وهم يسلخون في الزيت المغلي!
ولماذا لم يستسلم الإمام الأوزاعي للحاكم السفاح الذي قتل في يوم واحد 1800 مسلم ولم يتورع بأن يقتل الإمام الأوزاعي!
لماذا لم يتراجع ابن تيمية أمام ظلم الحاكم وسجنه فترة طويلة من عمره حتى مات في سجن القلعة بدمشق!
ولماذا لم يتراجع سلطان العلماء العز بن عبد السلام عن قول الحق أمام الأمراء رغم نفيه من موطنه وسجنه مراراً!
ولماذا لم يتراجع الإمام أحمد بن حنبل أمام فتنة خلق القرآن رغم سجنه وجلده بالسياط!
فأبى إلا أن يكون متجرداً لله صادعاً بالحق ، عاملاً لنصرة دينه ،
مناديا بحرمة السكوت عن تعطيل شريعة الإسلام ، رغم تكليفه ذلك سجنه وجلده مرارا.
ولماذا أنطق الله الطفل الرضيع حينما فكرت أمه مجرد تفكير أن تتراجع كي لا يلقى ابنها الرضيع في النار الذي أعدها فرعون؟
أنطقه الله ليقول لها (أثبتي فأنت على الحق) ، لماذا لم تتراجع حتى تنعم بابنها وتربيه وتصنع منه جيل النصر؟
لكن الله يأبى إلا أن تصدع بالحق وتموت دونه!
تعتقد لو تراجعوا ، هل كان سيخرج منهم جيل النصر؟!
إقرأ أيضا: حرص فاطمة على التستر حتى بعد موتها
ورب الكعبة أبدا ، كان سيخرج جيل يخاف أن يصدع بالحق ويركن إلى الجحور التي تربوا فيها ،
ويتحول الدين من صدع بالحق الخالص لوجه الله لدين محاولة التعايش مع الظلم والكفر ، يضيع الدين.
لكنها كانت لحظة فارقة ، النصر فيها هو الثبات على الحق والصدع به أياً كانت العواقب ، لحظة لا يصلح فيها السكوت أو الحيادية!
لحظة حق أو باطل ، لا يوجد وسط ولا يصح أن يكون هنا وسط.
إما تموت ثابتا على الحق وهذا هو النصر وإما تتنازل وتعيش وهذا هو أصل كل هزيمة.
فهل ضاع الدين بعد موتهم ؟!
هل إنتصر الكفر عليهم ؟!
لا.
عاش الحق الذي صدعوا به ووصل إلينا نحن لكي يقول لنا رسالة واضحة : إثبتوا فأنتم على الحق والنصر آت ولو بعد أجيال.