أطفال الكرة الجزء الأخير
أطفال الكرة الجزء الأخير
وصلوا الأطفال الثلاثة قبل غروب الشمس ليجدوا كوخهم مُهدّما بالكامل وبعض أغراضهم القديمة مرمية بجانبه ، فأخذ التوأمان يبحثان عن شيء يأكلانه أو يشعلانه.
في المساء في الوقت الذي أمسك فيه الأخ الأوسط الحبل الذي وجده بكلتا يديه وهو سارح بخياله ،
فنادياه من بعيد : إبحث معنا عن الطعام؟
لكنه ظل يردد بداخله بتأنيب ضمير أنا رميت الكرة بعيدا ، أنا قتلت أخي وبعد دقائق صرخ أحدهم : وجدت شجرة تفاح.
فأسرع أخوه التوأم إليه وأخذا يقطفان التفاح ويأكلانه بشهيّة لسد جوعهما.
بعد قليل لاحظا أن أخاهم الأوسط لم يلحقهما فتوجها للمكان الذي كان فيه ليجدانه مشنوقا على الشجرة ،
وانهارا بالبكاء الشديد بعد أن أصبحا وحدهما في الغابة الموحشة.
وبعد شعورهما ببرد المساء دب اليأس في قلوبهما الصغيرة ،
وما أن سمعا صافرة القطار من بعيد حتى خطرت ببالهما الفكرة ذاتها ،
وأسرعا نحو سكة الحديد وأمسكا يديهما بقوة وأغمضا عينيهما تجنبا لأنوار القطار الساطعة وهو يقترب نحوهما مُسرعا.
وقال لأخيه بعلوّ صوته : لا تخف سنجتمع بهم قريبا.
فنادى الآخر باكيا أمي إنتظرينا.
وهنا استفاقت المعلمة من كابوسها المزعج لتجد نفسها مازالت في الشقة العلوية والكرة تتدحرج حولها ببطء.
فجلست وهي تحاول إلتقاط أنفاسها بعد رؤيتها لموجز الحياة الصعبة التي عاشها اليتامى الصغار.
ثم قالت بصوت مسموع الآن فهمت لما عذبتم جدتكم بحرمانها من النوم بعد أن أصبحتم أرواحا ،
فبنتحارها حصلتم على إنتقامكم ، أليس كذلك؟
فأخذت الكرة تقفز بقوة أمامها كأنهم موافقين على كلامها.
إقرأ أيضا: رجل مسلم جاءته رؤيا بأن يذهب للكنسية
فاستجمعت قواها لحمل الكرة وهي تقول : لا يحق لأحد أن يمنع الأطفال من اللعب هيا بنا سآخذكم إلى الملعب.
وحين حاولت فتح باب الشقة وجدته مقفلا.
المعلمة : هيا يا صغار ألا تريدون اللعب إفتحوا الباب.
فانفتح الباب وحده ونزلت بالمصعد نحو سيارتها.
وحين شاهدت بمرآتها الأمامية : الكرة تتدحرج فوق المقاعد الخلفية عرفت أن أرواح الصغار الأربعة معها بالسيارة.
ورغم خوفها من مرافقتها للأشباح إلا أنها قالت لهم :
لا تجعلوا السائقين الآخرين يلاحظون تحرك الكرة وحدها كي لا توقفني الشرطة.
فتوقفت الكرة في مكانها وظلت تقود إلى أن وصلت لملعبٍ مهجور موجود بأطراف المدينة ،
ودخلت إلى هناك وهي تحمل الكرة التي وضعتها في منتصف الملعب المليء بالأعشاب البرية العشوائية.
وبعد أن نظرت نظرةً أخيرة لمدرجاته المهدمة
قالت بصوت عالي : ستبدأ المباراة هل أنتم جاهزون ؟
وصفرت بفمها لترى الكرة تتحرك بقوة باتجاهين معاكسين ،
فعلمت أنهما انقسما إلى فريقين وأسرعت مبتعدة عن الملعب ،
ثم ركضت نحو سيارتها بعد أن تركتهم يكملون لعبتهم التي لن يجرأ أحد على إيقافها في مباراةٍ حماسية لا نهاية لها.
المعلمة وهي تنظر للكاميرا : قد تظنون أنني قوية لتخلصي من الأشباح لكني بالحقيقة محظوظة ،
لأن قلبي لم يتوقف من شدة الخوف وحتى اليوم لا يعرف سكان العمارة سبب توقف الضجيج فجأة في مبناهم الذي استمرّ لسنوات طويلة
إقرأ أيضا: أراد صياد أن يتقرب من الملك
ورغم الهدوء الذي نعمنا به إلا أنني إنتقلت سريعا إلى مبنى آخر يبعد أميالا عن العمارة المسكونة سابقاً خوفا من عودة الملاعيين الصغار ،
لكن حظّي العاثر جعلني أقيم تحت شقة فيها أولاد مشاغبين آخرين ومع ذلك أقنع نفسي بأن علي تحمل الجيران ،
وإن من حق الصغار أن يلعبوا من وقتٍ لآخر هذا إن كان هناك أطفالا فوقي بالفعل ،
لكني لا أجرأ على التأكد من ذلك ثانية.