ألقى بي أحدهم داخل زجاجة وأخبرني أن هذا المكان هو الأمان ،
وثقت به وجعلته يغلق عليّ فوهتها ،
تركني كثيرا ولكنه كان دوما يُلقي عليّ نظرة ويطمئنني أنه سيعود قريبا ليخرجني منها.
وبرغم وعده لي بالأمان ، كان هناك هاجسا مخيفا يأتيني بين حِين وآخر ليخبرني أن ما من أمان بعد ذلك ،
وأنه يجب عليّ أن أكسر عنق هذه الزجاجة وأهرب منها.
وبالفعل بدأت الترجل خارجها ولكنني لم أكن أملك شيئا ليساعدني للصعود إلى عنقها.
تخبطت كثيرا بين زواياها ، بكيت كثيرا بصوت عالٍ لأستغيث ،
لكن صوتي كان محبوسا مثلي ، فمن سينظر داخل زجاجة ويعرف أنني بها رهينة؟
إيماني بأن كل شيء زائل وأن الأقدار تتبدل ، جعلني دوما أعافر.
إلى أن أخيرا إلتفت إليّ أحدهم وسألني ماذا أفعل هنا ومن هذا الذي إستطاع أن يحبسكِ داخل هذه الزجاجة؟
أخبرته أنه من وثقت به ، هو من أودعني هنا وأوهمني أنه أماني.
ترجيته أن يحررني من عنق الزجاجة ويأخذني خارجها لأبدأ من جديد وأترك خيباتي بها.
وبالفعل قام بكسرها ليحررني ولكن دون أن يقصد ، جرحني الزجاج المنثور وشوه معالم وجهي وجسدي.
لكنني لم آبه لهذه الجروح والدم الذي كان ينزف مني ، فما همني غير خروجي وحريتي.
وتعلمت ممن حبسني في الزجاجة أن الأمان لا يوجد بين البشر ،
وعلمني من كسر الزجاجة وأخرجني أن ما من دروس في الحياة إلا ولها ندوب باقية على أجسادنا.
فكل منّا شَهِد على زجاجته التي حُبس داخلها ، وكل منّا شهد على خروجه منها محمّلا بالندوب والعلامات.