قصص منوعة

أمي هناك ما أريد إخبارك به

أمي هناك ما أريد إخبارك به ، أتمنى أن يكون مهما فلدّي الكثير من المشاغل.

ازدردت لعابها وراحت تطوّق جسدها الهزيل بذراعيها الصغيرتين ، تشعر بالبرودة تسربل أوصالها رغم الجو الصيفي الحار ،

استدعت حروفها لتنسجها بصعوبة بالغة :
أستاذ الرياضة.
ما به أستاذ الرياضة؟ هل فعلت ما يجعله يعاقبك؟

أمي ، هو يطالعني بنظرات غريبة تشعرني بالخوف ، وأحيانا يطلب مني البقاء بعد انتهاء الحصة وبعد مغادرة الجميع يجلسني بجانبه ،

يحتضنني بقوة تؤلمني ، ألم تخبريني أن لا أجعل الغرباء يلمسونني؟ حاولت إخباره بذلك لكنه قال لي أنه ليس غريبا.

أصمتي ، إيّاكِ وإخبار أحد آخر بهذا الهراء ، هو أستاذك ولن يفعل معك شيئا ،

لكن إذا علم والدك لن يسمح لك بالذهاب للمدرسة ثانية هل هذا مفهوم؟

لكن يا أمي.
هل هذا مفهوم؟

أومأت بانكسار وقلّة حيلة ، ربما والدتها محقة فهو أستاذها وبمثابة أب لها ، هذا ما أخبرها به بالأمس ،

لكن والدها لا يحتضنها بتلك الطريقة المخيفة ، انهمرت دموعها دون توقف ،

تناظر والدتها التي تحذّرها بنظرات صارمة أخرست شكواها لكنها لم تبدد خوفها ،

حاولت في اليوم التالي إيجاد حجّة تعفيها من الذهاب للمدرسة لكن والدتها أصّرت على ذلك.

ذهبت وبداخل قلبها الصغير شعور سيء ، فور وصولها للمدرسة وجدته يقف مع باقي المعلمين ،

رآها فأهداها إحدى ابتساماته البشعة ، أجل هكذا تراها ،

عقلها الصغير لا يعرف تفسيرا لما يحدث لكن فطرتها تخبرها أن ما يفعله شيء سيء.

انغمست بين مجموعة من زملائها حتى تهرب منه ،

تنظر للساعة التي تطوق معصمها الرقيق تتوسّل الزمن أن يتوقف حتى لا تصل حصته ،

لتنتفض بجزع إثر رنين الجرس ، توجه جميع الأطفال لقاعة الرياضة بفرحة تفترش وجوههم ،

هذه المادة هي المتنفس الوحيد للجميع إلا هي.

إقرأ أيضا: كيف ماتت بائعة الكبريت بردا أم خوفا؟

وضعت يدها على معدتها مصطنعة الألم حتى تستطيع المغادرة ، رآها فهرول نحوها يسألها بلهفة : ما الذي يؤلمك؟

1 3 4 10 1 3 4 10

معدتي تؤلمني كثيرا ، أريد العودة للمنزل.
حسنا سأوصلك بنفسي حتى أطمئن عليك صغيرتي.

حركت رأسها بنفي لكن أمام إصراره رضخ المدير ، بل اعتبره عملا يستحق الإمتنان ،

فور ركوبها سيارته اتخذت لنفسها الباب كحامٍ لها ، تنكمش بقوة تكاد لا تتنفس حتى تنسيه وجودها.

لما هذا الفزع صغيرتي؟ ما رأيك أن نذهب لمكان ترتاحين فيه كثيرا ، وبعدها سأعيدك للمنزل.

لا ، أريد الذهاب للمنزل معلمي.
لكني مصر على ذلك ، وسأبتاع لك مأكولات لذيذة.

توقف فجأة عن القيادة فنظرت حولها لتجد نفسها في مكان يمتد فيه العشب والصخور إلى ما لا نهاية ،

التفتت نحوه تسأله عن ماهية المكان فإذ بها تصطدم بنظرات دبت الرعب في أوصالها ،

مدت يدها خفية تحاول فتح الباب الموصد دون جدوى ، هتفت بجزع وجسدها الصغير يرتعش :

ما هذا المكان؟ أريد الذهاب للمنزل ، خذني للمنزل أرجوك ، أريد أبي الآن.

ستذهبين ، سأعيدك للمنزل ، لكن بعد أن نجلس قليلا ونلعب لعبة ستروقك كثيرا.
لا أريد اللعب معك.

تعالى صوت صراخها الذي يخفت شيئا فشيئا حتى اختفى ،

في الجانب الآخر كانت والدتها تهيم الشوارع بحثا عن صغيرتها التي لم تعد رغم أن الليل بدأ في إسدال ستائره ،

تسأل كل من تقابله بصورة تحتضنها أناملها تنظر إليها كل ثانيتين بحسرة ،

حتى أتاها ذلك الإتصال الذي خارت إثره قواها ، ركضت بكل ما أوتيت من قوة تدعو أن يكون ذلك مجرد كابوس ،

لكنه حقيقة أعادت أمام ناظريها مشهد ابنتها التي تشكوها خوفها ، لكنها غطت أذنيها وعقلها عنه ،

خشيت كلام الناس ولم تخشى على صغيرتها ، لو أنها صدقتها لما خسرتها الآن للأبد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?