أنتم شهداء الله في الأرض
في مجلس رسول الله صل الله عليه وسلم والصحابة ملتفون حوله تمر جنازة ، فيَرْمقها الناس بأبصارهم ،
وإذا الألسن تثني على صاحبها خيرا ، فقال النبي صل الله عليه وسلم : (وجبت ، وجبتْ ، وجبت)
ثم مُرَّ بِجنازة أخرى ، فإذا ألسن الناس تثني عليها شرا ،
فقال رسول الهدى صل الله عليه وسلم : (وجبتْ ، وجبت ، وجبت)
وأمام هذا الإستغراب من الناس ، يأتي التعليق النبوي بقوله صل الله عليه وسلم :
(مَن أثنيتم عليه خيرًا ، وجبت له الجنَّة ، ومن أثنيتم عليه شرا ، وجبت له النار ،
أنتم شُهَداء الله في الأرض ، أنتم شهداء الله في الأرض ، وأنتم شهداء الله في الأرض).
إنها حقيقة قررها الواحد الأحد ، ومُسلَّمةٌ لا يماري فيها أحد.
قال تعالى : ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ [آل عمران: 185] ،
وقال سبحانه : ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ ﴾* [الأنعام: 62] ،
فالكلُّ راحِلٌ عن هذه الدار ، ولكن الشأن كيف سيكون هذا الرحيل؟ وماذا سيقال عن هذا الراحل؟
إن ثناء الناس على العبد بِخير من علامات التوفيق والمبشِّرات العاجلة ،
وفي مُحكم التنزيل سأل إبراهيم الخليل أن يَبقى ذِكْرُه متردِّدًا عبْر كلِّ جيل ،
فنادى ربَّه : ﴿ وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴾ [الشعراء: 84] ،
فأجاب الله سؤْله ﴿ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ﴾ [الصافات : 108]
قال جمهور المفسرين : “وتركنا ثناء حسنا عليه ،
ثم عمَّم فضل الله على خليله ، فكان له الذِّكر الطيِّب ، ولذرِّيته معه ؛ إسحاق ويعقوب ،
قال سبحانه : ﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا ﴾ [مريم: 50].