أنت مكلف بالسير لا بالوصول قصة جندب بن ضمرة
بعد هجرة النبي صل الله عليه وسلم وأصحابه من مكة إلى يثرب ، لم يتبق في مكة إلا عدد قليل من المسلمين لم يهاجروا لمرضهم وكبر سنهم.
وكان من بين هؤلاء الصحابة الذين حبسهم المرض وكبر السن الصحابي الجليل : جندب بن ضمرة رضي الله عنه.
لم يستطع أن يتحمل مشقة السفر وحرارة الصحراء فظل في مكة مرغما.
ولكنه رضي الله عنه لم يتحمل البقاء بين ظهراني المشركين ، فقرر أن يتحامل على نفسه ويتجاهل مرضه وسنه.
وبالفعل خرج جندب بن ضمرة رحمه الله ، وتوجه إلى يثرب ، وأثناء سيره في الطريق إشتد عليه المرض ،
فأدرك أنه الموت ، وأنه لن يستطيع الوصول ، فوقف رحمه الله وضرب كفا على كف، وقال وهو يضرب الكف الأولى :
اللهم هذه بيعتي لك ثم قال وهو يضرب الثانية : وهذه بيعتي لنبيك.
ثم سقط ميتا.
فنزل جبريل عليه السلام على النبي صل الله عليه وسلم يخبره بما حدث لضمرة ، ثم نزل قول الله تعالى :
ﻭَﻣَﻦ ﻳَﺨْﺮُﺝْ ﻣِﻦ ﺑَﻴْﺘِﻪِ ﻣُﻬَﺎﺟِﺮًﺍ ﺇِﻟَﻰ ﺍﻟﻠّﻪِ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟِﻪِ ﺛُﻢَّ ﻳُﺪْﺭِﻛْﻪُ ﺍﻟْﻤَﻮْﺕُ ﻓَﻘَﺪْ ﻭَﻗَﻊَ ﺃَﺟْﺮُﻩُ ﻋَﻠﻰ ﺍﻟﻠّﻪِ ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺍﻟﻠّﻪُ ﻏَﻔُﻮﺭًﺍ ﺭَّﺣِﻴﻤًﺎ.
فجمع النبي أصحابه وأخبرهم بشأن جندب وقال حديثه الشهير ، الذي هو الحديث الأول في صحيح البخاري والأربعين النووية :
( إنما الأعمال بالنيات،…إلخ).
إقرأ أيضا: كان راعي غنم عند سيدنا سليمان بن داوود يرعى الغنم
فحاز ضمرة شرفا لم يحزه غيره بأن نزل فيه قرآن وسنة ، رغم كونه لم يصل إلى المدينة.
الطريق إلى الله طويل ، لا يشترط أن تصل إلى آخره ، المهم أن تموت وأنت فيه.
العمل مع الله لا يشترط فيه أن تصل للهدف ، ولكن يكفيك أن تموت وأنت تعمل وتسير في الطريق إليه ما دامت نيتك لله.
حافظوا على مسيركم إلى الله فالقلوب ضعيفة والفتن خطافة.
اللهم سيّر قلوبنا إلى طاعتك واحفظنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن.