إحدى السيدات الطيبات جدا تحكي لي موقفا بسيطا تقول فيه
قبيل العيد بأيام ذهبت إلى محل لعب الأطفال لأشتري لعبة لطفلي ليبتهج بالعيد ،
بالمناسبة طفلها هذا يبلغ من العمر أكثر من خمسة عشر عاما ،
لكنه مصاب بأمراض عدة منذ ولادته فمنعته تماما من الكلام أو المشي أو الحركة.
المهم أنها ولسوء حالتها المادية تحدثت مع البائع حديثا بسيطا ليخفض لها ثمن اللعبة ،
لكن البائع العصبي والذي على ما يبدو أن حالته المادية ليست بأفضل منها ،
قال لها يا سيدتي والله إنني أسوأ حالا منك فاشتري اللعبة بصمت وإلا فارحلي بصمت أيضًا.
فقالت له السيدة : على رسلك أنا إمرأة مكافحة ونبيلة ،
ولم يتبقَ معي سوى هذا المال الذي نجحت في ادخاره من جلسة علاج إبني الماكث في السيارة هناك ،
ووالله ما لجئت للعبتك إلا لأنه أشار عليها ففهمت بأنه يريدها فعز علي أن أحرمه منها وغدا يوم عيد!
وقبل أن تكمل السيدة الحديث إذا بالبائع العصبي يلقي نظرة سريعة على الطفل ثم يمسك بألعاب ثلاثة ،
بالإضافة إلى التي إختارتها المرأة ثم يذهب بها إلى الطفل مقبلًا جبهته ويديه وداعيا له بالشفاء.
رافضا كل محاولات الأم في منحه المال الذي معها مُقسمًا أنه سيدعو على نفسه إن أخذ منها جنيهًا واحدًا.
انتهى.
مثل هذه المواقف الطيبة تعيد إيماني في الإنسانية وتمنحني شعورًا مهيبًا بالسلام والأمان تجاه هذا العالم القَلِق المُتوتر على الدوام ،
وتجاه أشخاصه المعقدين الذين كادت أن تندثر الرحمة فيهم.
الرجل البسيط صاحب محل الألعاب الذي أنهكته أعباء الحياة لكنها لم تُنهِكَ الرحمة فيه ولم تهتك إنسانيته ،
والسيدة المكافحة التي تحمل طفلها على ذراعيها لأكثر من خمسة عشر عاما ذاهبة بها كل يوم إلى المشافي والعيادات ،
إقرأ أيضا: حقائق
رغم حاجتها القاتلة وفقرها المدقع ، لكنها ومع ذلك تحرص ألا تحرمه ألعاب العيد ،
وتحرص أن تحفظ جميل الرجل فتحكيه لي عند أول لقاء بيننا ثم تدعو للرجل أن يفك الله ضائقته ويُوسع له رزقه ،
ويدخل السرور عليه كما أدخلها على قلب طفلها.
الحياة قاسية بما يكفي وقصيرة بما يكفي ، هونوها على بعضكم البعض عسى أن يهونها الله علينا جميعًا ،
وليرحم كل منكم أخيه عسى أن يشملنا الله كلنا برحمته وعنايته ،
ولا تترددوا في صنع أي معروف وإحسان لأن فوق السموات إله عظيم ،
أنزل في كتابه قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام بأنه “يُحب المُحسنين”.