إعتدت أن أسجل جميع مكالماتي الهاتفية معها ، كنتُ أؤمن أنها سترحل في يوم ما.
خبّأت كل تلك التسجيلات في ملف بهاتفي ، كان ذلك الملفّ أفضل ذاكرة بالنسبة لي.
كنت أستمع إلى تلك المكالمات كل يوم ، أجلسُ وحيدا في ركن صغير من مكان عملي ،
أضعُ سمّاعاتي وابتسم كالمجنون ، كم كنّا مثاليين.
فكرت من قبل أنّي لو أرسلتُ لها كلّ تلك المحادثات ذات يوم ستتذكّر روحها الجميلة تلك التي أحبتني بكل صدق.
من قال أن السفر عبر الزمن مستحيل؟ فقد كانت هذه المحادثات بالنسبة لي البوّابة التي أسافر بها للماضي.
صدقوني إنّ الذكريات لا تعرف المستحيل ، عندما تتشارك يدانا جيبًا ضيّقا في معطفي البالي.
فإنّي لا أنسى هذا بتاتا.
حتّى المعطف لا ينسى عندما تحدثّني قصّة ما آلاف المرّات ، كنتُ لا أمل ،
كنت أحفظها من المرة الأولى لكن مع هذا كنت أعيد الإصغاء إليها كلّ مرّة إنّي لا أنسى هذا.
في عيد ميلادي كانت هي أول إنسان يهنئني بعمري الجديد ،
كانت تحفزني في كثير من الأمور ولا تتركني أتخبط لوحدي كانت تمرغ نفسها معي في كل بركة وحل اقع فيها!
فكيف أنسى هذا.
عندما كنت أحادثها ليلا ، حتى يغلبها النعاس ، مرّة أسرد لها قصّة ، ومرّة أقرأ لها رواية ،
ومرّة أصارحها بكل ما يخالجني.
بينما أسمع صوت أنفاسها وهي نائمة وكانت تمثل دور النائمة لكنها كانت تصغي ،
ثم تفاجئني أنها مازالت لم تنم وتهدئ أعصابي حتى أنام ، كيف سأتناسى؟
إقرأ أيضا: التقت به بعد خمس سنوات من فراقهما
إنّ كلّ مكالمة كانت تعيدني إلى ذكرى ما ، في الحقيقة لا أعلم لما تحامقتُ وسجّلت كلّ تلك المكالمات أصلا ، لكنّها جميلة جدّا ،
تجعلني سعيدا في كل الأوقات ، ربّما إن أرسلتها لها ، ستعيدها إلى الماضي مثل ما تفعل معي ، ستسعدها هي أيضا.
لكني الآن متردّد ، ليس خوفا ، كلّ ما في الأمر أنّ الذكريات مؤلمة جدا ، أشد ألما من الفراق في حد ذاته.
لذلك قررت أن أحتفظ بالتسجيلات لنفسي.