الحب في الحياة

إقرأ صمت أخيك فلعل عزة النفس أسكتته

إقرأ صمت أخيك فلعل عزة النفس أسكتته

دخل رجل غريب على مجلس أحد الحكماء الأثرياء فجلس يستمع إلى الحكيم وهو يعلم تلامذته وجلساءه.

ولا يبدو على الرجل الغريب ملامح طالب العلم ، ولكنه بدا للوهلة الأولى كأنه عزيز قوم أذلّتهُ الحياة!

دخل وسلم ، وجلس حيث إنتهى به المجلس ، وأخذ يستمع للشيخ بأدب وإنصات ، وفي يده قارورة فيها ما يشبه الماء لا تفارقه.

قطع الشيخ العالم الحكيم حديثه ، والتفت إلى الرجل الغريب ، وتفرس في وجهه ،

ثم سأله : ألك حاجةٌ نقضيها لك؟! أم لك سؤال فنجيبك؟! فقال الضيف الغريب :

لا هذا ولا ذاك ، وإنما أنا تاجر ، سمعتُ عن علمك وخُلُقك ومروءتك ،

فجئتُ أبيعك هذه القارورةَ التي أقسمتُ ألّا أبيعَها إلا لمن يقدّر قيمتها ، وأنت دون ريبٍ- حقيقٌ بها وجدير.

قال الشيخ : ناولنيها ، فناوله إياها ، فأخذ الشيخ يتأملها ويحرك رأسه إعجابا بها ، ثم التفت إلى الضيف : فقال له: بكم تبيعها؟

قال : بمئة دينار ، فرد عليه الشيخ : هذا قليل عليها ، سأعطيك مئةً وخمسين! فقال الضيف : بل مئةٌ كاملةٌ لا تزيد ولا تنقص.

فقال الشيخ لابنه : أدخل عند أمك وأحضر منها مئة دينار.

إقرأ أيضا: رسالة مؤلمة من إحدى الأمهات تقول

وفعلا إستلم الضيف المبلغ ، ومضى في حال سبيله حامداً شاكرا ، ثم انفضَّ المجلسُ وخرج الحاضرون ،

وجميعهم متعجبون من هذا الماء الذي اشتراه شيخُهم بمئة دينار!

دخل الشيخ إلى مخدعه للنوم ، ولكن الفضول دعا ولده إلى فحص القارورة ومعرفة ما فيها ، حتى تأكد بما لا يترك للشك مجالا أنه ماءٌ عادي.

فدخل إلى والده مسرعا مندهشا صارخا يا حكيم الحكماء ، لقد خدعك الغريب ،

فوالله ما زاد على أن باعك ماءً عادياً بمئة دينار ، ولا أدري أأعجبُ من دهائه وخبثه ، أم من طيبتك وتسرعك؟!

فابتسم الشيخ الحكيم ضاحكا ، وقال لولده :

يا بني ، لقد نظرتَ ببصرك فرأيتَه ماءً عاديّا ،

أما أنا ، فقد نظرتُ ببصيرتي وخبرتي فرأيتُ الرجل جاء يحمل في القارورة ماءَ وجهه الذي أبَتْ عليه عزَّةُ نفسه أن يُريقَه أمام الحاضرين بالتذلل والسؤال ،

وكانت له حاجةٌ إلى مبلغٍ يقضي به حاجته لا يريد أكثر منه.

1 3 4 10 1 3 4 10

والحمد لله الذي وفقني لإجابته وفهم مراده وحِفْظِ ماء وجهه أمام الحاضرين.

ولو أقسمت ألفَ مرّةٍ أنّ ما دفعته له فيه لقليل ، لما حَنَثْتُ في يميني.

إن استطعت أن تفهم حاجة أخيك قبل أن يتكلم بها فافعل ،

فذلك هو الأجمل والأمثل ، تفقد على الدوام أحبابك ، فربما هم في ضيق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?