إمرأة كانت تعيش حياتها العادية فقررت أن تفعل شيئا جديدا لم يفعله أحد قبلها.
حيث قررت أن تراقب نفسها عن طريق عمل كاميرات في بيتها ، فترى ما تفعله في حياتها ،
وتراجع تصرفاتها.
الأغرب من ذلك أنها قررت أن تجعل صديقاتها يشاركوها هذا الإختبار ، ويراقبن هن الآخريات تصرفاتها.
ويحكموا على أفعالها ، وما تفعله في حياتها اليومية.
وبالفعل بدأت المرأة في تنفيذ فكرتها ، وقامت بتثبيت كاميرات في جميع غرف المنزل ، ووافقن صديقاتها على أن يراقبوها.
ومع أول اليوم لتطبيق هذه التجربة ، تقول هذه السيدة : إنها قد شعرت بشىء غريب ،
لم تشعره من قبل.
فبمجرد أنها شعرت أنها تحت رقابة هذه الكاميرات ، جعلها مرتبكة ، ومضطربة ، وخائفة من كل شيء تفعله.
فهي تشعر أن تصرفاتها الآن يجب أن تكون محسوبة ، حتى عندما يشاهدها صديقاتها يجب أن تكون على أكمل صورة أمامهم.
وتقول : بدأت أحاول أن أعيش حياتي العادية ، وأتجاهل الكاميرا.
وفجأة رن جرس التليفون فكانت إحدى صديقاتي التي كنا نتحدث معا في التليفون بالساعات ، لنتكلم ونغتاب الكثيرين.
ولكن هذه المرة لم أستطع أن أتحدث معها طويلا خوفا من الكاميرا التي تراقبني ،
وأغلقت التليفون معها سريعا خشية أن أخطئ في أي شيء.
ومرت الدقائق والساعات ، وكلما كنت أريد أن أفعل أي شيء معين كنت أعتاد عليه ، أفكر أن هناك كاميرا ،
وأن الكاميرا تراقبني ، والناس سوف تراني ،
وأنا أفعله ، فأتراجع سريعا.
أحسست بضيق نفسي وشعرت بالخنقة.
إقرأ أيضا: حسن التربية
بدأت أبحث عن أحد لألجأ إليه وقمت لا إراديا فتوضأت لأصلى لأول مرة منذ سنوات طويلة انقطعت فيها عن الصلاة ،
وشغلتني الحياة الدنيا ، وسجدت بين يدي الله أصلي وأبكي.
فشعرت بعدها براحة وطمأنينة كبيرة لا يعادلها أي شيء.
وتعجبت من نفسي ، كيف كنت بعيدة عن ربي!
وكيف سمحت لأي شيء أن يلهيني عن الصلاة وعبادة الرحمن؟
أحسست الآن أني لا أرهب الكاميرا ، ولا أخاف منها ، فلا يهمني الآن من يراقبني ، ومن سيشاهد ما فعلته.
فلم أخش الناس ، ولا أخشى أي أحد سوى الله سبحانه وتعالى.
ولم تعد تلك الكاميرات هي الرقيب علي ، وإنما أعظم منها هو شعوري بمعية الله ،إذ لا يغفل ولا ينام.
فلو فرضنا أن الكاميرات سجلت كل تصرفاتي ، فما الذي يجعلني أخاف من الناس الذين هم مثلي ، أم الله!
أأخشى الناس ، ولا أخشى الله.
حينئذ تذكرت مقولة ، { لا تجعل الله أهون الناظرين إليك }.
قمت وأغلقت الكاميرات ، فلم أعد في حاجة إليها ولن أحتاج أن أسجل يوما من حياتي ، فعندي ملكان يسجلان على كل أعمالي وكل أقوالي.
والآن أسمع صوتا يناديني من داخلي ، يقول :
{ ما أحلى معية الله }
ولكن ، ما هذا الصوت؟ لقد سمعت هذا الصوت كثيرا ، إنه صوت الضمير.
خطرت لي فكرة أكثر غرابة ، ماذا سيحدث لو ظل كل منا تحت رقابة القمر الصناعي يوما كاملا كيف سيتصرف؟
الناس ستراك الآن ، ماذا ستفعل يا إلهي ،
لقد كانت فكرة الكاميرات أبسط بكثير فما بالك بالقمر الصناعي؟
والعالم كله يراك ، هل تعصي الله؟!
هل تحب أن يراك أحد على معصية؟
بالطبع ستكون إجابتك : لا.
والآن أطرح سؤالا هل تجد في الدنيا ما هو أعظم من رضا الله؟
إذن ، لا تجعل الله أهون الناظرين إليك.