استر يسترك الله
يقول أحدهم في نهاية الستينات من القرن الماضي ، كنت أعمل لدى رجل أعمال معروف يملك مجموعة من المطاعم الشهيرة ،
توتطدت علاقتي به بعد فترة وجيزة من انضمامي للعمل ، حتى أصبح يثق بي تماما ،
وسرعان ما تمت ترقيتي أكثر من مرة حتى أصبحت أدير مجموعة المطاعم إدارة كاملة بصلاحيات واسعة.
حيث كان يعمل تحت إدارتي مئات العمال والموظفين ، كل هذا وأنا لم أكن قد أتممت بعد عامي الخامس والعشرين ،
كان كل شيء يسير على ما يرام ، حتى ذلك اليوم في نهاية الفترة المسائية.
كنت أتفقد المطعم كعادتي إلا أنني لاحظت وجود فتاة من العاملات تقف مرتبكة وازدادت إرتباكا عندما رأتني ،
وهمت مسرعة بالإنصراف.
وبتفتيشها وجدتها تخبئ في حقيبتها بعض المأكولات والعصائر ،
فما كان مني إلا أن أمرت بفصلها من العمل مع حرمانها من باقي مستحقاتها لأنها سرقت.
ولم تفلح توسلات الفتاة ولا دموعها ولم تجد وساطة العاملين ولا مبرراتهم بأنها فتاة صغيرة يتيمة الأب ،
تعمل كي تنفق على والدتها المريضة على الرغم من أنها مازالت تدرس بالمرحلة الثانوية ،
لم يحن قلبي أبدا حيث أنني مستأمن على ذلك المال وظننت أنني فعلت الصواب ،
بل وأسرعت بالإتصال بالسيد شريف صاحب العمل لإخباره بما حدث متوقعا إشادة واسعة ومكافأة مجزية ،
إلا أنني وجدت الرجل كما لم أره من قبل كان ثائرا غضبا يوبخني بشدة وقطع إجازته.
وفي صبيحة اليوم التالي اجتمع بجميع العاملين والعاملات وحثهم على الأمانة والحفاظ على مصدر دخلهم ،
وأمر بزيادة مجزية جدا في راتب كل العاملين وإعادة الفتاة إلى عملها مع منحها وجبتي عشاء لها ولوالدتها يوميا.
إقرأ أيضا: قصة الخياط والحفيد
لا أخفي عليكم أن موقفه أشعرني بكثير من الإحباط حتى قررت تقديم إستقالتي ،
إلا أنه مزق ورقة الإستقالة وقال لي : يا بني سأقص عليك قصة شاب كان يعمل على عربة واستأمنه صاحب العربة على ماله ،
فصانه حتى ازداد المال واشتهرت العربة وتضاعف الإراد أضعافا مضاعفة بفضل ذاك الشاب وكفائته في العمل.
إلا انه وعلى الرغم من ذلك كان لا يملك إلا راتبه القليل فقط ،
بينما كل تلك الأرباح تذهب إلى صاحب العربة.
بدأ والد الشاب يمرض ويحتاج إلى مصاريف علاج كثيرة لم يقدر عليها وحده ،
وهنا لعب الشيطان برأس الشاب كي يقتطع جزءا من الربح اليومي دون إخبار صاحب العربة ،
وبعد مقاومة شرسة نجح إبليس في مخططه اللعين وفعل الشاب ما فعل لكن الله أراد له ألا يتمادى في طريق الباطل ،
فعلم صاحب المال بفعلته ، كان من الممكن أن يسجنه أو على الأقل يطرده من العمل ،
إلا أنه وفي موقف غريب سأله عن صحة والده وأعطاه ما يكفي لعلاجه ،
ثم قرر أن يصبح الشاب شريكا له في العمل بمجهوده وبكفائته وبحب الناس له.
يقول صاحب القصة : ثم نظر إلي السيد شريف طويلا وقال هل تعرف من يكون ذلك الشاب؟
إنه أنا!
يا بني إن الله يستر العبد إن عصاه ثم يستره إن عصاه ثانية ثم يفضحه إن أصر على المعصية ،
فكن ستار يسترك الله ويسخر لك من يسترك فكلنا أصحاب عيوب ونحتاج الستر.