الأكل البايت
كانت دولة الصومال غنية ، بها مزارع ونعم وغنم وبقر كثير ،
حتى إن الرجل إذا إستيقظ من النوم يريد الأكل كان يذبح كبشا فيأخذ منه الكبد فيفطر عليه ،
ثم يرمي باقي الكبش في الزبالة فزالت النعم عنهم وتوالت النقم حتى أصبحوا لا يجدون شيئا يأكلونه.
كاتب سوري يقول : لما بلغ الترف بأهل العراق أن كل ما ينزل على المائدة يرفع ما بقي منه إلى الزبالة ،
حتى إندثر عندهم مصطلح ( اﻷكل البايت )
فابتلاهم الله بالحصار عشر سنين ،
حتى صاروا يأكلون الخبز الأسود يابسا! ومات لهم مليونا طفل من الفقر والمرض.
ولما صرت أرى في بلدتي دمشق وضواحيها الخبز في الحاويات بكثرة ،
ورأيت إمرأة فقيرة سقط منها رغيف خبز فتركته على اﻷرض ومضت.
ورأيت آخرا يبعد ما سقط منه على الأرض بطرف قدمه ، بل إنني رأيت بعيني رجلا يمسح حذاءه بقطع من الخبز الأبيض ويلمعها به مع شديد الأسف.
ووصل الهدر إلى مستويات مخيفة جدا في بلدي ،
أيقنت بعدها أننا مقبلون على أيام سود سنشتهي بها هذه الخبزات التي كنت أراها في الحاويات.
يقول الكاتب : رحم الله والدي العالم الجليل : كان يأكل طعام اﻷمس البائت قبل طعام اليوم (الطازج) ،
وكان يبلل الخبز اليابس بالماء ويأكل به وﻻ يرميه وكان أول من يشبع ، وآخر من يقوم عن المائدة.
فقد كان يلملم الفتات من أرز وفتات الخبز وغيرها ويغضب أشد الغضب إن رُمِيَ شيء من الطعام ،
كان يحافظ على النعمة بقليلها وكثيرها ويحرص عليها فحفظته في حياته.
توفى رحمه الله وهو لا يشكو من أي مرض ﻻ ضغط ، ولا سكري ، ولا شرايين ، وَلا روماتيزم ،
ولا قلب ، ولا أي مرض مما يشكو منه أي إنسان جاوز الخمسين أو الستين ، فضلاً عن السبعين.
وكان يكثر من ترداد حديث رسول الله صل الله عليه وسلم :
أحسنوا جوار نعم الله ، لا تنفروها ، فإذا ذهبت عن قوم لا تعود إليهم.
” لئن شكرتم لأزيدنكم ”.