الأميرة واللؤلؤة الجزء الثاني والأخير
كان هذا الشاب كثير الأسفار ، وكان قد التقى مرّة برجل حكيم ، فقرر أن يرجع عند هذا الرجل ليستشيره.
حكى الرجل الحكيم للشاب عن حيل النساء وحكمة الرجال ، ومكث الشاب عند الرجل الحكيم سنة كاملة ، يتعلم منه الحكمة ،
وقبل أن يغادر ، أعطاه الرجل الحكيم الكثير من الهدايا ، وقال له : يمكنك أن تستخدم هذه الهدايا في الوقت المناسب.
حينما رجع الشاب إلى المدينة كانت صورة الأميرة قد أحيطت بالكامل برؤوس الرجال الذين غامروا لخطبتها ،
فازداد التحدي في نفسه وخلع حذاءه وأخذ السيف ، وتسلح بحبه للأميرة ، وتوجه إلى المحارب الأول ومشى رويدا ،
خطوة بعد خطوة ، طوال الوقت يسمع وينظر من خلال عينيه ، تحرك يساراً ثم يميناًط ، واستدار أمام التمثال الأول ،
وضربه ، ثم الثاني ، فالثالث ، والرابع ، والخامس ، ولم يكن هناك تمثال سادس ،
ومشى حتى وصل إلى البرج حيث كانت خادمة الأميرة تنظر وتراقب من بعيد ،
فذهبت إلى الأميرة وأخبرتها أن هناك شخصاً قد اجتاز المحاربين ، وهو يقف عند البرج.
تركت الأميرة كل عملها ، ونظرت من خلال النافذة وقالت في نفسها : مظهره الخارجي لا بأس به ،
ولكنها كانت متأكدة أنه لا يمكن أن يصل أحد إلى الباب السري.
وحينما رجعت إلى عملها سمعت صوت طبل فنظرت من النافذة ، ورأت أن الشاب يدق الطبل ويدور حول البرج ،
من مكان إلى آخر ، فلحقته الأميرة بنظراتها من نافذة أخرى ، وفي لحظة ما حينما كانت تنظر إليه ،
رآها فقررت أن ترجع إلى عملها.
إقرأ أيضا: بائعة الحلوى
كان الشاب يستمع إلى صدى دقات الطبل ، فاكتشف الباب السرّي للبرج ، ثم أخرج سكينه وحركه فوجد فتحة في الباب ،
فتح الباب بسكينه ودخل.
رأته الخادمة وأخبرت الأميرة أن الشاب في انتظارها.
في هذه اللحظة قامت الأميرة بتمشيط شعرها لتتأكد من أنها تبدو جميلة.
كان من بين الأشياء الموجودة عند الأميرة مخدة صغيرة مطرزة باللؤلؤ ، أخذت الأميرة حبة من اللؤلؤ وخرجت من الغرفة.
ونظرت إلى نفسها لترى أن كل شيء على ما يرام.
في هذه اللحظة كان الشاب في الداخل ، رآها ورأته فمدت يدها نحوه وقالت له : “ماذا تعمل بهذه؟”
وأعطته حبة اللؤلؤ ، استمر في النظر إليها وقال : ” من الممكن أن أعمل الشيء الكثير”، واستدار ورجع.
كان من شروطها أن يكون هذا الشخص الذي سترتبط به ذكيا.
ذهب الشاب إلى المدينة ، وبحث بين الهدايا الموجودة معه ، وأخرج لؤلؤة شبيهة بلؤلؤة الأميرة ،
وعاد إلى القلعة ، وأعطاها إياها ، فقال لها هذه إجابتي على سؤالك.
فهمت الأميرة وابتسمت ، وقد فهمت أن حبها سيقابل بحب لا يقل عنه.
أخذت الأميرة اللؤلؤة ووضعتها في الهاون وطحنتها ، وقالت للشاب : “ماذا تفعل بهذا؟”
فطلب كأساً من الحليب ، فجيء له به ، فوضع مسحوق اللؤلؤ فيه وشرب ، وطلب من الأميرة أن تشرب ، فشربت ،
فرأى رقبتها البيضاء ورأى نبضها يدق في عروقها ، ثم جاء بما رسب من مسحوق اللؤلؤة ،
ووضعه على ورقة ، وحينما جف ، أحضر ميزاناً ووضع مسحوق اللؤلؤ في كفة الميزان ،
واللؤلؤة التي لم تسحق في الكفة الأخرى.
فتساوت كفّتا الميزان ، فهمت الأميرة أن الحب الذي تريد هي تحطيمه بكبريائها لن ينقض شيئا ، وهكذا دق قلبها.
إقرأ أيضا: هل يمكن للفقير أن يعيش حياة راغدة مثلما يعيشها الغني؟
عند ذلك أخذت الأميرة خاتما ووضعته في يده ، ونظر الشاب عميقاً في عينيها الجميلتين ، وتراجع إلى الخلف.
فوجئت الأميرة حينها أن الشاب رجع إلى المدينة ، وراح يبحث في الصندوق الموجود عنده فوجد أجمل لؤلؤة يمكن أن تتخيلوها ،
كانت لؤلؤة خالية من أي عيب ، كانت مثله تماما.
رجع الشاب إلى الأميرة وأخذ يدها ووضع اللؤلؤة فيها ، وقال لها : “ماذا تعملين بهذه؟”
فابتسمت الأميرة وقالت : “أعمل الكثير منها ، ذهبت إلى الخزانة ، وأخذت تبحث عن لؤلؤة كاملة وممتازة ،
وكانت تعرف أنها موجودة ، وحينما وجدتها نظرت إلى اللؤلؤتين وذهبت إلى الشاب ،
ولكنه أخذ اللؤلؤتين ، وتركها وخرج.
كان يريد أن يشتري خرزة زرقاء ، ليصنع منها عقدا ، ويضع اللؤلؤتين حول الخرزة حتى تحميهم من الحسد ،
ورجع إلى الأميرة بالعقد ، فرفعت الأميرة بشعرها وألبسها العقد.
أقدمت الأميرة عليه وابتسمت ، وأقيم حفل الزواج في أسبوع كامل مليء بالمسرات وبأشهى المأكولات.