الإنسان أحيانا يتوهم أن الله إذا أغناه ومتعه بالصحة ورزقه بيت فخم ، ومركبة فارهة ، وعنده زوجة وأولاد ، يتوهم أن الله يحبه.
وإنسان آخر الله حرمه ، بيته بالأجرة ، دخله محدود أقل من مصروفه ، ليس لديه مركبة ،
بزواجه غير سعيد ، عنده أولاد غير أبرار ، يتوهم أن الله حرمه ولا يحبه!
هذان المعنيان ليسا صحيحين إطلاقا.
قال الله تعالى :
﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ﴾
هذه مقولة الإنسان الذي رزقه الله ، هذه دعواه ، هذا توهمه ، هذا تصوره.
ثم يقول تعالى :
﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ ﴾
هذه مقولة الإنسان الذي دخله محدود يقول : ربي أهانن.
الجواب القاطع من الله عزَّ وجل للإثنين : ﴿ كَلَّا ﴾
كلمة : ( كلا ) في اللغة العربية ، أداة ردع ونفي.
يعني يا عبادي ، هذا كلامكم ، هذا إدعائكم ، هذا وهمكم.
ليس عطائي إكراما ، ولا منعي حرمانا ،
عطائي إبتلاء ، وحرماني دواء.
يقول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح :
( لو أن الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء )
فإذا كان هنالك إنسان يتمتع بصحة طيبة ، وله دخل كبير ، وله بيت ، وزوجة وأولاد ، هذه نِعم من الله ولا شك بذلك.
إقرأ أيضا: بقرة اليتامى
أما أن يتوهم أن الله أعطاه هذه النعم لأنه يحبه فالجواب : ﴿كَلَّا﴾
بعض الناس يقولون : أن الله إذا أحب إنسانا أطلعه على ملكه!
فيسافر هذا الإنسان شرقا وغربا في الأرض ، ويرتكب كل أنواع المعاصي والآثام ،
ثم يتوهم أن الله يحبه لأنه عرفه على ملكه!
الجواب : ﴿ كَلَّا ﴾
( الله يعطي الدنيا لمن يحب ، ولمن لا يحب )
أعطاها لقارون وهو لا يحبه ، وأعطاها لسيدنا سليمان وهو يحبه.
أعطاها لفرعون وهو لا يحبه ، وأعطاها للصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف وهو يحبه.
فهذه الدنيا لا يمكن أن تكون مقياس محبة من الله ، أو عدم محبة.
الله يحبك إذا أطعته ، والله يحبك إذا عرفته.
الله يحبك إذا إستقمت على أمره ، والله يحبك إذا أحسنت إلى خلقه.
هكذا يحبك الله.