الإنسحاب الخفي للعمر
الإنسحاب الخفي للعمر
يقول أحدهم في زحمة الحياة ، فجأة وجدت نفسي بلغت الخمسين من العمر ، ثم الخامسة والخمسين ، ثم قاربت الستين
هذه الأرقام لم أألفها من قبل ، وبدأت أشعر بالخوف مما بعد سن الستين.
لاحظت أن الباعة يقولون لي (يا حاج) والأولاد يقولون : (يا عم) ، ثم صار الشباب في المحلات يعطونني كرسيا كي أرتاح.
كانت معاملة مميزة تمييزا سلبيا ، ولكنني من جهة أخرى تمعنت في سيرة أفضل الخلق رسولنا محمد صل الله عليه وسلم ؛
فقد بدأ الوحي ينزل عليه وهو في الأربعين وحارب الكفار وهو في الرابعة والخمسين ،
واستمر بمحاربتهم لنشر دين الله حتى آخر عمره.
والسيدة خديجة رضي الله عنها كانت في عز قوتها وهي في سن الأربعين ،
حيث أنجبت أولادها وبناتها فيما بعد هذا العمر.
إستنتجت أن العمر الحقيقي هو ما تشعر به أنت في قلبك عن نفسك ،
فالشعور بالرضا والسعادة هو أمر بيدك أنت لا بيد عداد الأيام ،
لذلك عندما تصل لهذا العمر فأنت في بداية طور جديد من أطوار الشباب.
لذلك إبدأ بحفظ القرآن لأنك في قمة شبابك واجتماع قدراتك ، حافظ على السنن الراتبة ،
صم ثلاثة أيام في الشهر ، إجعل لك خلوة في جوف الليل بربك ،
ضع لك بصمة في دروب الخير ليبقى إسمك واترك أثرا ليحي ذكرك.
لا شيء يستحق الحزن والندم في حياتك ، سوى تقصيرك في حق الله.
إفرح أنك بقيت على قيد الحياة يومًا جديدا ؛ ففي هذا اليوم ستقيم صلوات وتزرع حسنات وتقدم صدقا ،
فأنت الرابح الفائز ، فاغتنم كل دقيقة فإنها لن تعود.
إقرأ أيضا: من العجيب أن هموم الدنيا ممكن أن تختفي
يوم التغابن أشد الناس ندماً في الآخرة هم المهدِرون لأعمارهم حتى وإن دخلوا الجنة!
بين الدرجة والدرجة في الجنة قراءة آية أو تسبيحة أَو تحميدة أو تهليلة ،
والمتاجرة مع الله لا حدود لها ، فالله الله في حسن إستثمار ما تبقى من أعمارنا.
وهذه وصية لي ولكم : لنغتنم أعمارنا !
وتذكروا قول الرسول صل الله عليه وسلم : خَيْرُ النَّاسِ مَن طالَ عمُرُه وَحَسُنَ عملُه.