التائب من الذنب كمن لا ذنب له
الله سبحانه هو التواب الرحيم والغفور الكريم ، وقد فتح باب رحمته لعبادِه العاصين مهما بلغت ذنوبهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه ، أن النبي صل الله عليه وسلم قال : “التَّائبُ مِن الذَّنبِ كمَن لا ذنْبَ له”،
والمعنى أنَّ العبدَ إذا أذْنَب ذنْبًا ثم تاب منه تَوبةً نَصوحًا وأقلَع عنه ونَدِم واستغفَر ولم يَعُدْ إليه تاب الله عليه ،
وعامله مُعامَلةَ من لم يُذنِبْ ، بل يُبدِّلُ سيِّئاتِه حسَنات ؛
لأنه تاب إلى ربه وأناب لِمَحبَّتِه لله وحِرصِه على رضاه وخوفه منه ، وتلك صِفاتُ المتَّقين.
إذا زال الذَّنبُ زالَتْ عُقوباتُه ومُوجِباتُه ، وهذا حُكمٌ عام لكلِّ تائبٍ مِن ذنْبٍ.
وقد قال تعالى :
{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
ولقبول التوبة شروط عُرِفَتْ من إستِقْراءِ نُصوصِ كتابِ اللهِ تعالى وسُنَّةِ رسولِه صل الله عليه وسلم ،
ومِن تلك الشروط :
أن تكون التوبة خالصة لوجه الله تعالى ، فلا يراد بها الدنيا أو مدح الناس وثناؤُهم ، ثمَّ الإقلاعُ عن المعصيةِ ،
ثم النَّدمُ على فعلها ، مع العزم على عدم العودة إليها ،
ثم إرجاع الحقوق إلى أصحابِها ، إنْ كانت المعصيةُ حُقوقًا للآخرين ،
وأن تكون التَّوبةُ قبل طُلوعِ الشَّمسِ مِن مَغرِبِها ، وقبلَ حُضورِ الموتِ.
ومِن علاماتِ صحَّةِ التَّوبةِ : أن يَكونَ العبدُ بعدَ التَّوبةِ خيرا منه قبلَها ؛ فيُكثِرَ مِن عمَلِ الصَّالحاتِ ،
ومصاحبَةِ أهلِ الصَّلاحِ ، ويَحرِصَ على ترْكِ المعاصي والسَّيِّئاتِ ،
والإبتعادِ عن أهلِ الزَّيغِ والإنحِرافِ ، وأن يكون الخوف مصاحِبًا له فلا يأمَنَ مِن مَكْرِ الله.
إقرأ أيضا: وكشفت عن ساقيها
وفي الحديثِ : بيانُ رحْمةِ اللهِ بعِبادِه ؛ بفتْحِه باب التَّوبةِ والرُّجوعِ إلى طاعتِه لكلِّ عاصٍ قبلَ موتِه.
وفيه : دَعوةٌ إلى عدَمِ تَقْنيطِ المذنِبِ والعاصي مِن رَحمةِ اللهِ.
وفيه : أنَّ التَّوبةَ النَّصوحَ تُزيلُ الذُّنوبَ وتُبدِّلُها حسَنات.
الراوي : عبدالله بن مسعود.
المحدث : الألباني.
المصدر : صحيح ابن ماجه.