الخلع في الشريعة والقانون
قدم الإسلام نظاما مثاليا للأسرة قائما على المودة والرحمة بين الزوجين ، ووضع لكل طرف حقوقه وواجباته ،
كما وضع إجراءات شرعية لكل من الطرفين في حال رغب أياً منهما في إنهاء العَلاقة الزوجية بالمعروف.
إذ أعطى للزوج الحق في الطلاق ، فالطلاق لا يقع إلا إذا أوقعه الزوج ، لقول النبي صل الله عليه وسلم :
(إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) أي الزوج.
ولذلك قال العلماء أن من أكره على طلاق إمرأته ظلما ، فطلق دفعاً للإكراه فإنه لا يقع طلاقه.
كما أعطى الزوجة الحق في طلب الخلع في حال كرهت زوجها وأرادت فراقه ، وهو حق ثابت بالقرآن والسنة ،
أما من القرآن فقول الله تعالى : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) البقرة /229
وأما من السنة فالثابت أن إمرأة ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه أتت النبي صل الله عليه وسلم ،
فقالت : يا رسول الله ، ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين ، ولكن أكره الكفر في الإسلام ، فقال لها النبي صل الله عليه وسلم :
أتردين عليه حديقته؟ قالت نعم وكان قد أصدقها حديقة ،
فقال النبي صل الله عليه وسلم : ” اقبل الحديقة ، وفارقها ” أخرجه البخاري.
فأخذ الفقهاء من هذه الحالة أن المرأة إذا لم تستطع البقاء مع زوجها ، فإن لولي الأمر أن يطلب منه المخالعة ،
بل يأمره بذلك ، لذا يجوز الخلع إذا كان للمرأة عذر مقبول ، ويرى جمهور الفقهاء أن الخلع يأخذ حكم الطلاق.
والخلع هو فراق الزوجة بعوض ، فيأخذ الزوج عوضاً ويفارق زوجته ، سواء كان هذا العوض هو المهر الذي كان دفعه لها أو أكثر أو أقل ،
ويصدر الحكم بالخلع بعد تنازل الزوجة عن حقوقها الشرعية والمالية.
وقد يكون طلب الخلع حراما إذا كان دون تعرض الزوجة إلى الأضرار التي تضطرها إلى طلب الخلع أو عدم وجود الأسباب المؤدية إلى كره الزوج ،
إقرأ أيضا: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ
ومن أمثلة تلك الأسباب (أن تكون الزوجة كرهت الزوج ولا تستطع البقاء معه ، أو كرهته في دينه لفسقه وجرأته في ارتكاب المحرمات) ،
والدليل على ذلك الحديث الشريف (أيُّما إمرأة سألَتْ زوجَها الطلاق ، مِنْ غيرِ ما بَأْسٍ ، فحرامٌ عليها رائِحَةٌ الجنَّةِ).
ومن الوجهة الشرعية فإن رضاء الزوج عن الخلع قال به الفقهاء ؛
ودليلهم على ذلك أنه من ملك شيء لا يمكن أن يستغنى عنه إلا برضاه ، وكذلك لا يمكن أن يخرج عن ملكه إلا طوعا ،
وعلى ذلك فالخلع بدون علم الزوج يعتبر خلعًا باطلا ، لذا يعد زواج المرأة بعد الخلع بدون سبب زنا.
ومن الوجهة القانونية وفقاً للقانون المصري لا يجوز رفع دعوى الخلع دون إعلان الزوج ،
ووفقاً للقانون المصري والشريعة الإسلامية يشترط تحقق أسباب محددة لجواز الخلع من الزوج.
ولما كان القاضي يحل محل إرادة الزوج في إيقاع الطلاق في حال تعسف الزوج في استعمال حقه في الطلاق في الأحوال التي نصت عليها قوانين الأحوال الشخصية ،
فكذلك يحل القاضي محل إرادة الزوج في الخلع في حال تعسف الزوج في استعمال حقه فيه ،
وذلك في حال إمتناع الزوج عن الحضور إلى جلسة الصلح التي تعقدها المحكمة من باب التعسف في استعمال حقه فيه.
لذا فإن للمحكمة أن تحكم بالخلع دون حضور الزوج جلسة الصلح ،
وعلى ذلك لا يستطيع الزوج المماطل الكيد لزوجته بالتسبب في تأخير صدور الحكم ،
وللزوجة طلب الخلع لرفض الزوج أن يقوم بتطليقها بالتراضي.
كما أن تحايل الزوجة بإرسال الإنذار بموعد الجلسة إلى عنوان وهمي للزوج غير محل إقامته ،
وهي تهدف إلى عدم علم الزوج بدعوى الخلع المقامة منها ضده يجعل الحكم بالخلع باطلًا ،
ومن ثم فإنها تظل زوجته رغم الحكم بالخلع ، لذا يعد زواجها بعد ذلك الحكم زنا.