الخنساء

الخنساء

هو لقب الصحابية الجليلة تماضر بنت عمرو ،
وشاعرة مخضرمة ، اشتهرت بالوفاء وقوة الشخصية وصلابة الموقف.

لقبت بهذا اللقب وهو مأخوذٌ من الخَنَس ، وهي صفةٌ تُطلق على الظباء والبقر الوحشيّ في إيماءةٍ إلى الجمال ،

والمقصود بها قصر امتداد الأنف ورجوعه إلى الخلف باتجاه عظمتي الخدين مع ارتفاع قليل في أرنبة الأنف ،

وبعد ذلك تحول هذا الوصف إلى إسم أطلقه العرب على بناتهم.

الخنساء واحدة من أعظم الشاعرات في الجاهلية والإسلام ،

تفوقت على العديد من الشعراء في زمانها حتى قال عنها النابغة الذبياني :
إنّها أشعَرُ الجنّ والإنس

عاشت قرابة السبعين عاما حتى أدركت الإسلام ، وأسلمت في عام( ٨ هـ) – وهي في طلائع شيخوختها لم تقل عن الخمسين ،

ولن تزيد على الستين.

عندما قدمت على النبي مع قومها بني سليم وأعلنت إسلامها.

وقد كان الرسول – عليه الصلاة والسلام – يحبّ شعر الخنساء ويطلب منها إنشاد الشّعر ،

ويقول (هيه يا خناس) ويشير بيده ، وقد حسن إسلامها.

كانت في جاهليتها تقول الشعرَ نزرًا يسيرًا حتى مات أخوها صخر ،

فتدفّق الشعر على لسانها بقصائد رثاءٍ خُلدت في أمهات كتب الأدب والشعر.

تزوجت الخنساء في الجاهلية مرتين ورُزقت بعددٍ من الأبناء الذكور الذين كانت لها معهم موقفٌ سُجل بمدادٍ من ذهب في كتب السِّير والأعلام.

إقرأ أيضا: قصة السيدة راحيل زوجة سيدنا يعقوب

وبعد أن أسلمت وحسن إسلامها ، سجلت الخنساء إسمها بحروف من نور في قائمة الأمهات الصابرات المحتسبات ،

حيث ابتليت برحيل أولادها الأربعة (عمرة ، وعمرو ، ومعاوية ويزيد)

في معركة القادسية ، وكانت مثالاً للأم الصابرة الثابتة قوية الإيمان.

وكانت الخنساء قد حثت أبناءها الأربعة على القتال دفاعاً عن الدين والوطن ،

حيث تنقل لنا الروايات الموثقة أنها وقبل بدء القتال أوصتهم فقالت :

يا بني لقد أسلمتم طائعين ، وهاجرتم مختارين ،

ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو إمرأة واحدة ، ما خنت أباكم ، ولا فضحت خالكم ،

فإذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمين ، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين ،

وبالله على أعدائه مستنصرين ، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها ، وجعلت ناراً على أوراقها ، فتيمموا وطيسها ،

وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها ، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والقيامة.

وعندما دارت المعركة استشهد أولادها الأربعة واحداً تلو الآخر ،

وحينما بلغ الخنساء خبر مقتل أبنائها الأربعة كانت نعم الأم المؤمنة الصابرة ورددت كلمات تعبر عن عمق إيمانها ،

قالت كلماتها المأثورة التي عاشت على جبين الزمان على مدار الأيام والأعوام :

“الحمد لله الذي شرفني باستشهادهم جميعاً في سبيل الله ونصرة دينه وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته”.

توفيت في أول خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة ٢٤ هجرية.

Exit mobile version