الزوج المطفف
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في تفسير سورة المطففين : الزوج يريدُ من زوجته أن تعطيه حقهُ كاملا وألا تَتهاون في شيء من حقه ،
لكنه عندَ أداء حقها يَتهاونَ ولا يُعطيها الذي لها.
وما أكثر ما تشكوا النساء من هذا الطِّراز من الأزواج والعياذُ بالله.
حيث إن كثيرا من النساء يريد منها الزوج أن تقوم بحقه كاملا ،
لكنه لا يُعطيها حقها كاملا ، وربما يُنقصُ أكثر حقها ؛ من النفقة، والعشرة بالمعروف وغير ذلك.
والغريب أيها الإخوة! أن هذا يقع كثيرا من الناس الذين ظاهرهم الإلتزام ،
حتى إن بعض النساء تشير أنها ما اختارت هذا الزوج إلا لما له من السمعة الحسنة والإلتزام ،
فإذا به ينقلبُ ويكون أسوأ حالاً بالنسبة لزوجته من أهل الفسق!
فلا أدري عن هؤلاء الذين ظاهرهم الإلتزام!
هل يظنون أن الإلتزام أن يقوم الإنسان بعبادة الله فقط ، ويضيعً حقوق الناس؟
إن ظلم الناس أشد من ظلم الإنسان نفسه بالتعدي على حق الله ؛
لأن ظلم الإنسان نفسه في حق الله تحت المَّشيئة.
إذا كان دون الشركِ غفرَ له إن شاء وإن شاءَ عاقبهُ عليه ، لكن حقُ الآدميين ليسَ داخلاً تحت المَّشيئة ، لا بد من أن يُوفَّى ،
ولهذا قال النبي صل الله عليه وسلم : أتدرون من المفلس؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع!
قال : المفلس من يأتي يوم القيامة بحسنات كثيرة ، فيأتي وقد ظلم هذا وشتم هذا وضرب هذا ، وأخذ مال هذا ،
فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، وهذا من حسناته ،
فإن بقي من حسناته شيء وإلا أخذ من سيئاتهم فطرح عليه ثم طرح في النار.
إقرأ أيضا: لحياة زوجية سعيدة
فنصيحتي لهؤلاء الإخوة الذين يُفرطون في حقوق أزواجهم سواءً كانوا من المُلتزمين أو من غيرهم ، أن يَتقوا الله عز وجل ،
فإن النبي صل الله عليه وسلم أوصى بذلك في أكبر مجمع شهده العالم الإسلامي في حياة الرسول صل الله عليه وسلم في يوم عرفة في حجة الوداع.
قال : (اتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمان الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله)
فأمرنا أن نتقي الله عز وجل في النساء.
وقال صل الله عليه وسلم : (استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم).
أي : بمنزلة الأسرى ؛ لأن الأسير إن شاء فكه الذي أسره وإن شاء أبقاه ،
والمرأة عند زوجها كذلك ؛ إن شاء طلقها وإن شاء أبقاها ، فهي بمنزلة الأسير عنده ، فليتق الله فيها!
ثم قال رحمه الله (الزوج مع زوجته إنه إذا أراد منها أن تقوم بحقه كاملاً وهو يبخس حقها نقول إنه «مُطفف» ،
ونقول له تذكر قول الله تعالى : {ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون.
وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون}.
وهنا يقول عز وجل : {ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين }.