الشرك أعظم ما نهى الله عنه ، قال تعالى : وَاعْبُدُواْ اللهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا [النساء: ٣٦] ،
فقرن النهي عنه بأعظم أمر أمر به وهو عبادته ، التي من أجلها خلق الخلق كما قال تعالى :
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: ٥٦].
وهو أول المحرمات كما يدل عليه قوله تعالى : قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الأنعام: ١٥١].
فهذا الشرك الأكبر مخرج عن الملة ، وصاحبه حلال الدم والمال ، وفي الآخرة خالد مخلد في النار ،
قال تعالى : فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ [التوبة: ٥].
وقال تعالى : إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء [النساء: ٤٨].
وقال تعالى : إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة: ٧٢].
كما أن هذا الشرك يحبط العمل ، قال تعالى : وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ [الأنعام: ٨٨] ،
وقال تعالى : وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر: ٦٥].
كما أنه تحرم ذبيحة مرتكبه ، لقوله تعالى : وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ [الأنعام: ١٢١].
وصاحب هذا الشرك لا يرث ولا يورث ، بل ماله لبيت المال ، ولا يصلى عليه ، ولا يدفن في مقابر المسلمين ،
وذلك أن المشرك قد إرتكب أعظم جريمة ، وأفظع ظلم ، قال تعالى : وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا [النساء: ٤٨].
وقد جاء في الحديث الذي رواه إبن مسعود رضي الله عنه عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال :
من مات وهو يدعو من دون الله نداً دخل النار.
وفي رواية عنه: من مات يجعل لله نداً أدخل النار.
وكما جاء عن جابر رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار.
وكما جاء عن إبن مسعود أيضاً قال : سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول :
من مات يشرك بالله شيئاً دخل النار.
إقرأ أيضا: من أصلح سريرته أصلح الله علانيته
وفي حديث أبي هريرة قال : زار النبي صل الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله ، فقال :
إستأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي.
وفي حديث إبن عمر قال : جاء أعرابي إلى النبي صل الله عليه وسلم فقال :
يا رسول الله ، إن أبي كان يصل الرحم ، وكان … ، فأين هو؟
قال : في النار ، قال : فكأنه وجد من ذلك ،
فقال : يا رسول الله! فأين أبوك؟ فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : حيثما مررت بقبر مشرك، فبشره بالنار.
قال: فأسلم الأعرابي بعد ، وقال : لقد كلفني رسول الله صل الله عليه وسلم تبعا ، ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار.
وفي هذا الحديث فائدة هامة ، ألا وهي مشروعية تبشير الكافر بالنار إذا مر بقبره ، ولا يخفى ما في هذا التشريع من إيقاظ المؤمن ،
وتذكيره بخطورة جرم هذا الكافر ، حيث إرتكب ذنبا عظيما تهون ذنوب الدنيا كلها تجاهه ولو إجتمعت ،
وهو الكفر بالله عز وجل ، والإشراك به الذي أبان الله تعالى عن شدة مقته إياه حين إستثناه من المغفرة فقال :
﴿ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ﴾