الشيخ راغب وزوجته نجية
الشيخ راغب وزوجته نجية
بعد أن طلق الشيخ راغب زوجته نجية وللمرة الأولى ، قال لها : إذهبي إلى بيت أهلك.
فقالت : لن أذهب إلى بيت أهلي ، ولن أخرج من هذا البيت إلا بحتف أنفي!
فقال لها : لقد طلقتك ، ولا حاجة لي بك ، أخرجي من بيتي.
فقالت : لن أخرج ، ولا يجوز لك إخراجي من البيت حتى أخرج من العدة وعليك النفقة.
فقال : هذه جرأة ووقاحة وقلة حياء.
قالت : لست أكثر تأديبا من قول الله جل جلاله :
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } (الطلاق : 1).
فنفض عباءته بشدة ، وأدبر غاضبا ، وهو يقول في تذمر : والله بلشة ،
أما هي ، فابتسمت وكأن شيئا لم يحدث.
وجمعت أمرها ، فكانت تتعمد في كل يوم : تجمير البيت (تبخيره بالطيب) ، وتأخذ زينتها عن آخرها ، وتتعطر ،
وتجلس له في البيت ، في طريق خروجه ودخوله ، فلم يقاوم لأكثر من خمسة أيام ، وعاد إليها راغبا.
وفي ذات يوم : تأخرت في إعداد الفطور ،
فقال لها معنفا : هذا تقصير منك في حقي عليك ، وهو ليس من سلوك المرأة المؤمنة ،
فقالت له : احمل أخاك المؤمن على سبعين محمل من الخير ، وحسن الظن من أفضل السجايا ،
وأنه من راحة البال وسلامة الدين ، ومن حسُن ظنُه بالناس حاز منهم المحبة.
فقال لها : هذا كلام لا ينفع في تبرير التقصير ، أيرضيك أن أخرج بدون فطور؟!
فقالت له : من صفات المؤمن الحق القناعة بما قسم الله عز وجل ولو كان قليلا.
قال الرسول الأعظم الأكرم صل الله عليه وآله وسلم : “قد أفلح من أسلم ، ورزق كفافا ، وقنعه الله بما أتاه “.
فقال : لن آكل أي شيء ، فقالت : أنت لم تتعلم الدرس.
إقرأ أيضا: عاش ٥٠ سنة يفسر للناس سورة من القرآن فمات عليها
لم يلتفت الشيخ راغب إلى كلام زوجته ، وخرج غاضبا من بيته ، ولم يكلمها حتى بعد عودته إلى البيت.
وفي الليل هجر فراشها ، فنام أسفل السرير ، واستمر على هذا الحال ، لعشر ليالي بأيامها.
وكانت في النهار ، تهيئ له طعامه وشرابه ، وتقوم على عادتها بجميع شؤونه ،
وفي الليل تخلع لباس الحياء ، فتتزين ، وتتعطر ، وتنام في فراشها ، إلا أنها لا تكلمه عن قصد وتدبير.
وفي الليلة الحادية عشر ، نام في أول الأمر كعادته أسفل السرير ، ثم صعد إلى سريره ،،
فضحكت وقالت له : لماذا جئت؟
فقال لها : لقد إنقلبت!
فقالت : ينقلبون من الأعلى إلى الأسفل ، وليس من الأسفل إلى الأعلى.
فقال وهو يبتسم : المغناطيس فوق السرير ، أقوى من جاذبية الأرض.
ثم قال في بهجة وسرور : لو أن كل النساء مثلك يا نجية ، لما طلق رجل زوجته ، ولحلت جميع المشاكل في البيوت.
وصدق رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ،
إذ قال : من صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها ( الله ) مثل ثواب آسية بنت مزاحم.
لقد كنت لي يا نجية ، نعم المعين على طاعة الله عزّ وجلّ فجزاك الله عني خير الجزاء ، ولا فرّق الله بيننا.
هكذا ينتصر الحلم على الغضب.
نجية عندها ذكاء عاطفي وإجتماعي
هل تعلم أن داخل كل إمرأة نجية
كلّ إمرأة تناجي ربّها هي نجيّة ،
تسعى لتنجو من هذه الدّنيّا لتنال جنّات عدن.