الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه

الصحابي الجليل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه

نسبه
جعفر بن أبي طالب الملقب بالطيار هو من أصحاب النبي صل الله عليه وسلم وآل بيته ،

فهو القرشي الهاشمي وابن عم النبي صل الله عليه وسلم جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب.

وهو أشبه الخلق بالنبي صل الله عليه وسلم وهو يكبر أخيه الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعشر سنوات.

إسلامه
أسلم جعفر بن أبي طالب قبل أن يدخل الرسول محمد دار الأرقم ويدعو فيها ،

فقد أسلم بعد إسلام أخيه علي رضي الله عنه بقليل ، وهو أحد السابقين إلى الإسلام ،

فقد أسلم بعد خمسة وعشرين رجلا ، وقيل أسلم بعد واحد وثلاثين إنسانا ، فكان هو الثاني والثلاثين.

هجرته إلى الحبشة

عندما رأى النبي محمد ما يصيب أصحابه من البلاء ، وأنه لا يقدر على منعهم مما هم فيه من البلاء قال لهم :

«لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد ، وهي أرض صدق ، حتى يجعل الله لكم فرجاً مما أنتم فيه» ،

فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب الرسول إلى أرض الحبشة ، مخافة الفتنة وفرارا بدينهم ، فكانت أول هجرة في الإسلام.

ثم خرج جعفر بن أبي طالب ، ومعه إمرأته أسماء بنت عميس ، والتي ولدت له بأرض الحبشة إبنه عبد الله.

وتتابع المسلمون حتى إجتمعوا بأرض الحبشة.

هجرته إلى المدينة

لما هاجر الرسول محمد إلى المدينة المنورة ، وآخى بين المهاجرين والأنصار ، آخى بين جعفر بن أبي طالب ومعاذ بن جبل.

قدم جعفر بن أبي طالب على الرسول محمد صل الله عليه وسلم يوم فتح خيبر ، فقبل الرسول بين عينيه ، والتزمه وقال :

«ما أدري بأيهما أنا أشد فرحا : بقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟» ، وأنزله الرسول إلى جنب المسجد.

إقرأ أيضا: توبة الإمام مالك بن دينار

إمارته في غزوة مؤتة

شهد جعفر بن أبي طالب غزوة مؤتة التي دارت رحاها في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة بين المسلمين والروم ،

وقد أمَّره الرسول محمد صل الله عليه وسلم على جيش المسلمين في حال أصيب قائدهم الأول زيد بن حارثة ،

إذ قال: «إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس ، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس».

فتجهز الناس ثم تهيئوا للخروج ، وهم ثلاثة آلاف ، فلما حضر خروجهم ودع الناس أمراء الرسول وسلموا عليهم.

ثم مضوا حتى نزلوا معان من أرض الشام ، فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء ،

في مائة ألف من الروم ، وانضم إليهم من لخم وجذام والقين وبهراء وبلي ، مائة ألف منهم.

فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على معان ليلتين يفكرون في أمرهم

وقالوا : «نكتب إلى رسول الله صل الله عليه وسلم ، فنخبره بعدد عدونا ، فإما أن يمدنا بالرجال ، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضي له».

فشجع عبد الله بن رواحة الناس وقال : «يا قوم ، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون :

الشهادة ، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة ، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به ،

فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين : إما ظهور وإما شهادة» ،

فقال الناس: «قد والله صدق ابن رواحة»، فمضى الناس.

إستشهاده

مضى المسلمون ، حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب ، بقرية من قرى البلقاء يقال لها “مشارف” ،

ثم دنا العدو ، وانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة ، فالتقى الناس عندها ، فتعبأ لهم المسلمون.

ثم التقى الناس واقتتلوا ، فقاتل زيد بن حارثة براية الرسول حتى شاط في رماح القوم ، أي سال دمه فمات.

فلما قتل زيد بن حارثة في المعركة ، أخذ جعفر بن أبي طالب اللواء بيمينه فقطعت ، فأخذه بشماله فقطعت ،

فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو ابن إحدى وأربعين سنة.

إقرأ أيضا: ماشطة إبنة فرعون لم يحفظ التاريخ إسمها بل حفظ فعلها

عن ابن إسحاق في قصة جعفر بن أبي طالب أنه قاتل يوم مؤتة وهو يقول :

يا حبذا الجنة واقترابها .. طيبة وبارد شرابها

والروم روم قد دنـا عذابـها .. عليَّ إذ لاقيتها ضرابها

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال : أمَّر رسول الله في غزوة مؤتة زيد بن حارثة فقال رسول الله :

إن قتل زيد فجعفر ، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة”.

قال عبد الله : كنت فيهم في تلك الغزوة ، فالتمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى ،

ووجدنا ما في جسده بضعا وتسعين من طعنة ورمية.

وعن عائشة أنها قالت : «لما أتى وفاة جعفر عرفنا في وجه رسول الله صل الله عليه وسلَّم الحزن».

وروي أن الرسول لما أتاه نعي جعفر ، دخل على إمرأته أسماء بنت عميس ، فعزاها فيه ،

ودخلت فاطمة وهي تبكي وتقول : «واعماه»، فقال الرسولُ محمد : «على مثل جعفر فلتبك البواكي».

ودخله من ذلك هم شديد ، حتى أتاه جبريل ، فأخبره أن الله قد جعل لجعفر جناحين مضرجين بالدم يطير بهما مع الملائكة».

Exit mobile version