العندليب مالا يعرفه البعض عن العندليب
العندليب مالا يعرفه البعض عن العندليب
تعود عبد الحليم خلال السنوات الأخيرة في حياته ، وكنوع من التنفيس عن نفسه من ضغط العمل المستمر وأيضا المرض ،
أن يذهب في جولة بسيطة بسيارته بالقرب من منزله.
ولأن العندليب كان بسيطا في حياته لم يكن يهتم بما يرتديه خلال جولاته هذه ، لدرجة أنه كان يخرج أحيانا بـ«البيجامة» أو «الجلابية».
وذات يوم قرر عبد الحليم الخروج في جولة بسيارته ، ونزل بـ«الجلابية والطاقية والشبشب» ،
ولم يتوقع العندليب أن اليوم سيكون مختلفًا ، إذ أوقفه صول يدعى عباس ليطلب منه الرخصة.
نظر العندليب للصول ، كيف لم يتعرف على عبد الحليم حافظ ، أشهر نجوم الغناء في مصر والوطن العربي؟
«أنت مش عارفني؟» هكذا عبر العندليب عن دهشته من الموقف ، ليرد عباس بكل ثقة : لا.
فرد العندليب : أنا عبد الحليم حافظ ، مش شايف الشبه؟!
ليرد عباس بسخرية : وهو معقول إن عبد الحليم ينزل بجلابية في الشارع؟
ولينتهي هذا الجدال ، طلب عباس من العندليب أن يغني له لكي يتأكد أنه عبد الحليم حافظ بالفعل.
غضب حليم من هذا الطلب جدًا ، لكنه أراد أن ينهي هذا المشهد العبثي فورًا ، لذا بدأ يغني «يا سيدي أمرك ، أمرك يا سيدي».
بعد غناء العندليب ، تأكد عباس أن صاحب الجلابية هو عبد الحليم حافظ بالفعل ، وهو ما جعله يشعر بالخوف الشديد ،
فمن المعروف أن حليم علاقاته السياسية قوية وبالتأكيد سيدفع عباس الثمن غاليًا على هذا الموقف السخيف الذي تعرض له العندليب.
بدأ عباس يتوسل لعبد الحليم لكي لا يؤذيه ، وطلب منه السماح ،
ورغم أن العندليب اشتاط غضبا بسبب هذا الموقف لكنه سامح عباس وأنهى الموقف فورا.
لم يكن عباس من محبي عبد الحليم من قبل ، لكن بعد هذا الموقف أصبح من هواة أغنيات العندليب ، بل وبات من عشاقه.
إقرأ أيضا: ترك لي زوجي إرثا غريبا
ومنذ هذا اليوم ، أصبح العندليب يمر بشكل دوري على عباس ، وهو يتجول بسيارته ،
وفي كل مرة كان حليم ينزل من سيارته خصيصا ليسلم على عباس ،
ومع الوقت أصبح عباس ينتظر حليم ، ونشأت علاقة صداقة قوية بينهما.
وذات يوم ، نزل عبد الحليم من منزله كعادته ، ليجد عباس في مكانه ، فظلا يتحدثان عن أحوالهما ،
ولكن العندليب هذا اليوم وجد صديقه غريبا بعض الشيء لكنه لم يسأله ،
وأثناء الحديث قال عباس لحليم بصوت خجول أنه يريد طلبا منه.
دون تردد رد العندليب طبعا إحنا إخوات.
فتحمس عباس للحديث موضحًا أن زفاف إبنته خلال أيام ويريد من عبد الحليم أن يأتي ليتشرف به أمام عائلته ،
ولم ينه عباس حديثه حتى وجد العندليب يسأله عن مكان حفل الزفاف.
سكت عباس للحظات ، ليرد بمنتهى الحرج ، فالحفل ليس في فندق مثلما يحضر العندليب حفلات الزفاف ،
بل هو مجرد حفل بسيط أعلى سطوح منزل عباس.
أكد العندليب أنه سيأتي الفرح ، لكن في المقابل عباس كان يعلم جيدا أنه من الصعب أن يحضر نجم مثله حفل زفاف على سطوح.
وفي يوم الفرح ،حدثت المفاجأة ، إذ بدأ حليم الإستعداد لحضور الحفل وكأنه حفل زفاف إبنة أخيه ،
فارتدى بدلة أنيقة ، وذهب لأحد محلات المجوهرات ليشتري هدية لابنة عباس ،
وعندما وصل العندليب للعنوان وجد مشكلة ، «السطوح» في الدور الخامس ولا يوجد مصعد،
وحالة حليم الصحية لا تسمح له بذلك ، ورغم هذا أصر على الصعود.
عندما دخل العندليب السطوح ، لم يصدق عباس ما يراه ، فعبد الحليم حافظ بنفسه في حفل زفاف إبنته ،
لم يقف حليم عند هذا الحد لكنه أحيا الفرح بالكامل وغنى الكثير من أغانيه.
إقرأ أيضا: إمرأة فرنسية أخذت ولدها البالغ من العمر 14 عاما إلى المركز الإسلامي
إنتهى حليم من الغناء وذهب ليجلس بجانب صديقه عباس الذى لا يزال غير مستوعب لهذا الموقف ،
فوجد العندليب يهمس في أذنيه : أنت أخويا وده فرح بنت أخويا ماكنش ينفع ماجيش.
هذا الموقف ظل محفورًا في قلب وعقل عباس ولم ينسه للحظة ، بل كان يرويه لكل من يعرفه.
وبعد سنوات ، سافر العندليب ليتلقى العلاج في الخارج ، لكنه لم يعد وتوفى يوم 30 مارس سنة 1977 ،
وبدأت الإذاعات تبث الخبر ، عندما سمع عباس الراديو تعرض لصدمة قوية وكأن أحدا من عائلته توفى.
فشلت الأيام في أن تداوى أحزان عباس ، ففراق العندليب أثر بشكل كبير على حياته ، ولم يذهب لعمله مرة أخرى ،
وانعزل عن العالم نهائيًا ، وكان يذهب لقبر عبد الحليم فقط لكي يروي الأزهار هناك.
حاولت عائلة عباس أن تجعله يعود لحياته الطبيعة لكنهم فشلوا ،
لم يرد أن يترك قبر العندليب لحظة ، وظل هناك لمدة 3 سنوات ، حتى توفى عباس وتم دفنه بجانبه صديقه وحبيبه حليم.