إسلام

الفرق بين التدبر والتفسير

الفرق بين التدبر والتفسير
ما الفرق بين فهم الآية وتدبرها؟

قد يظن ظان أن فهم الآية = تدبرها ، مع أن الفرق كبير بينهما.

مثلا قوله تعالى : ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ﴾

معنى هذه الآية أن الذي يطيع الله ورسوله حقق نجاحاً كبيراً في الدنيا والآخرة ،

( هذا فهم الآية ) أي تفسيرها وفهم معناها .

أما تدبر الآية أن تسأل نفسك : أين أنا من هذه الآية؟ هل أنا مطيع لله عز وجل؟

وإذا كنت كذلك هل شعرت بالفوز؟ هل أعيش هذه الآية؟

أي أن تدبر الآية هو أن تسأل نفسك دائماً وأنت تقرأ القرآن :

هل أنا مطبق لهذه الآية تطبيقاً كلياً أم جزئيا؟
هل تنطبق عليّ آيات النفاق؟

وهل تنطبق عليّ آيات المؤمنين؟
هل أنا في الموضع الذي ينبغي أن أكون ، أم في موضع لا ينبغي أن أكون؟

فمحاسبة النفس في أثناء تلاوة القرآن هو التدبر ،

لذلك قال تعالى : ﴿ أَفَلَا يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾

مثال آخر قوله تعالى :
( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنّهُ حَيَاةً طَيّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )

هل تحيا أنت أيها المؤمن الحياة الطيبة التي وعد الله بها؟

أم أن قوله تعالى : ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾
تنطبق علي؟

أتنطبق عليك الآية الأولى أم الآية الثانية؟

كلما قرأت عن صفة مؤمن أو منافق أو كافر كن جريئاً ، ضع نفسك على المحك : أين أنا من هؤلاء.

أي : ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾

إقرأ أيضا: إصلاح ذات البين

هل أنا خاشع في الصلاة؟

﴿ وَاسْتَعِينُوا بِالصّبْرِ وَالصّلَاةِ وَإِنّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ﴾

1 3 4 10 1 3 4 10

هل ترى أن الصلاة كبيرة ، مجهدة ، متعبة؟

أي أن تدبر القرءان هو أن تصنف نفسك وأنت تتدبر آياته.

فيمكن التفريق بين التدبر والتفسير من عدة وجوه :

أولاً : أن التفسير هو كشف المعنى المراد في الآيات.

والتدبر : هو ما وراء ذلك من إدراك مغزى الآيات ومقاصدها ، وإستخراج دلالاتها وهداياتها ،

والتفاعل معها ، وإعتقاد ما دلت عليه وإمتثاله.

ثانياً : أن المفسر غرضه العلم بالمعنى ،

والمتدبر غرضه الإنتفاع والإمتثال علما وإيماناً ، وعملاً وسلوكا ؛

ولذا فإن التفسير يغذي القوة العلمية ،

والتدبر يغذي القوة العلمية والإيمانية والعملية.

ثالثاً : إن التدبر أمر الله تعالى به عامة الناس للإنتفاع بالقرآن والإهتداء به ،

ولذلك خوطب به ابتداءً الكفار في آيات التدبر
{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا}
النساء (82)

{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}
(24) محمد

والناس فيه درجات بحسب رسوخ العلم والإيمان وقوة التفاعل والتأثر.

إقرأ أيضا: كان سيدنا عمر ينادي زوجته يا بنت الأكرمين

وأما التفسير فمأمور به بحسب الحاجة إليه لفهم كتاب الله تعالى ، ولذا فإن الناس فيه درجات ،

كما قال ابن عباس رضي الله عنه : التفسير على أربعة أوجه : وجه تعرفه العرب من كلامها ،

وتفسير لا يُعذر أحد بجهالته ، وتفسير تعرفه العلماء ، وتفسير لا يعلمه إلا الله.

رابعاً : أن التدبر لا يحتاج إلى شروط إلا فهم المعنى العام مع حسن القصد وصدق الطلب ، ولذلك قال الله تعالى :

{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ }
[ القمر 17].

أما التفسير فله شروط ذكرها العلماء ، لأنه من القول على الله ، ولذا تورع عنه بعض السلف.

ولذا يقال لا يعذر المسلم في التدبر ، ويعذر في التفسير.

خامساً : أن التدبر واجب الأمة على كل حال ،
{ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [ص 29 ]

وأما التفسير فهو واجب بحسب الحاجة إليه ، ولذا جاء الأمر بالتدبر في كتاب الله دون التفسير.

سادساً : أن التدبر هو غاية لأنه باعث على الإمتثال والعمل ،

{ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } [ يوسف 2 ]

وأما التفسير فهو وسيلة للتدبر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?