القرية المخفية الجزء الأخير
التفت السحرة الثلاثة إلى أحمد ثم قال أحدهم نشكرك يا فتى لأنك حررتنا لكننا لا يمكننا أن نعيش بعد هذا اليوم أبدا ،
فما إن ينتهي هذا اليوم حتى نهرم ونشيخ بسرعة ،
فهل هناك ما تريد منا أن نفعله لأجلكم لعلنا نقدر على أن نكفّر عن جزءٍ من أخطائنا بحق هذه القرية المسالمة.
طلب أحمد منهم أن يخلصوا القرية من اللعنات الثلاثة التي حاقت بالقرية ، فقال أحدهم :
لا يمكننا عمل شيء بالنسبة للعنتين الأولى والثانية ولكن يمكننا إبطال سحر اللعنة الثالثة ما دامت لم تحل عليكم بعد.
أطرق أحمد برأسه إلى الارض ثم أشار إلى النفق وقال :
إذا كنتم لا تقدرون على اللعنة الأولى والثانية فأنا أطلب منكم أن تدمروا هذا النفق يكفينا ما عانيناه من العالم الخارجي ،
نريد أن نعيش فيما بيننا بهدوء وسلام لبقية حياتنا هنا في قريتنا الجميلة هذه.
وبعد أن نفذ السحرة ما طلبه منهم أحمد إنقاد الجميع إلى النوم الذي لابد منه.
وفي صباح يومٍ آخر أشرقت الشمس من خلف الجبال معلنة نهار يومٍ جديد ،
وبينما كان الأهالي منشغلين بأعمالهم اليومية وإذا بهم يفاجئون بطائرٍ ضخم يهبط عليهم من السماء!
وكان على متن الطائر شيخ في الثمانين من العمر ،
نزل ذلك الشيخ من على طائره وهو يحمل عكازة طويلة وأخذ يتلفّت يمينا ويسارا كأنه يبحث عن شخصٍ محدد ،
ولم يطل بحثه ، فقد حضر أحمد وقال للشيخ : هل تبحث عني يا باهر.
وكان ذلك الشيخ هو باهر فعلا فقد عرفه أحمد من الندبة على خده.
قال باهر لقد وعدتك بأنني سأعود وها أنا ذا عند وعدي ،
فإذا ما أعطيتموني حجر الفلاسفة فإني أعدكم بأني سأدع قريتكم وشأنها ولن أعود إليها ثانية ،
وأما إذا رفضتم فالويل لكم مني فأنا قد أصبحت ساحرا عظيما لا يشق له غبار ومن الخير لكم أن لا تغضبوني.
أطرق أحمد قليلاً ثم قال ما دمت قد وعدتنا فالحجر لك ، وأشار الى المغارة.
إقرأ أيضا: رجل مسلم جاءته رؤيا بأن يذهب للكنسية
فانطلق إليها باهر فشاهد الحجر موضوع داخل وعاء من ذهب ،
فمد يده ليأخذه لكنه توقف فجأة وقال : لن تخدعوني مجددا فأنا أصبحتُ أعرف الآن أن الحجر لابد أن يُحمل بواسطة وعاء أو قفاز من ذهب.
ثم بحث باهر حواليه فشاهد قفاز الذهب مخبأ في أحد زوايا المغارة ،
فقام بارتدائه ثم مد يده وحمل الحجر لكنه ما إن فعل ذلك حتى قبضت أصابعه على الحجر بشدة ،
فدهش باهر وصاح أي خدعة هذه ما هذا ، ما الذي يحدث؟
ثم أخذ الحجر يتوهج بشدة فشعر باهر بأن كفه تكاد أن تنفجر ،
وعبثا حاول أن يفتح أصابعه دون جدوى.
فالتفت إلى أحمد وصرخ به ما الذي صنعته بي أيها القروي البائس؟
أجاب أحمد بهدوء حركة القفاز وهو يطبق على الحجر هي آخر ابتكارات السحرة الثلاثة قبل رحيلهم ،
ثم إنك تعلم أن الذي يمسك الحجر طويلاً بدون حماية من أي غطاءٍ ذهبي ، فإنها ستكون القاضية على حامل الحجر.
صاح باهر ولكني أرتدي القفاز الذهبي.
رد أحمد هذا ما تعتقده أنت أو بالأحرى هذا ما أردناك أن تعتقده.
نظر باهر برعب إلى القفاز وقال هل تعني إنه ليس من الذهب.
ابتسم أحمد وقال إنه مجرد طلاء براق بلون الذهب ليغري الطامعين أمثالك ،
نعلم تماما أنك لن تلتزم بوعدك لنا ولن تتركنا لحالنا فأمثالك تجري الخيانة في أرواحهم مجرى الدم في عروقهم ،
وفي النهاية فإن القروي البائس قد تغلب عليك للجولة الثالثة على التوالي.
هنا مد باهر ذراعه نحو أحمد صارخا يريد استعمال الحجر ضده ولكن ولأن قبضته كانت محكمة حول الحجر فقد انفجرت ذراعه ،
فسقط باهر على ركبتيه وقال وهو شبه واعي هذا لا يحدث لقد انتظرتُ لثلاثين سنة أخرى حتى ماذا كي أفشل مرة أخرى؟
إقرأ أيضا: أطفال الكرة الجزء الأول
لا لن ينتهي الأمر بتلك البساطة سألعنكم كما لعنكم جدي.
شرع باهر بالتمتمة لكن أحمد لم يمهله حتى استل سيفه وضرب عنقه فقضى عليه نهائيا وإلى الأبد.
وبذلك فقد تخلصت القرية من سلالة المشعوذين من نسل الساحر الخائن أحد صانعي الحجر العجيب ،
أما بالنسبة للحجر نفسه فقد تم إعادته إلى المكان الذي صُنع فيه إلى قعر المغارة.
حيث وضع الحجر داخل صندوق من ذهب وترك هناك ثم قام أحمد بغلق باب الحجرة بمفتاحه المثلث ،
وبعد ذلك تم ردم فوهة المغارة حتى دفنت الحجرة تحت ثقل آلاف الأطنان من الصخور ،
وأصبح من المستحيل الوصول إلى ذلك الحجر العجيب.
لم يبق من سيرة الحجر سوى المفتاح ذو النهاية المثلثة والذي استمر أحمد بتعليقه حول رقبته مذكرا إياه بقصته مع الحجر العجيب وبالأحداث العصيبة التي رافقت ذلك.
وهكذا إستمرت القرية بالظهور لفترة يوم واحد فقط في كل ثلاثين سنة ،
وأصبحت لغزاً من ألغاز الدهر التي لا حل لها
بل أعجوبة من الأعاجيب التي لا حصر لها في ذلك العالم عالم الخيال الجميل.