قصص منوعة

القطة القاتلة

القطة القاتلة

دخل معلم اللغة العربية للفصل ، وقف الطلبة إحتراما له ، أشار لهم بيده أن يجلسوا ، ففعلوا.

خاطبهم قائلا :
هل قمتم بعمل الواجب الذي طلبته منكم بالأمس؟
ردوا جميعا في صوت واحد قائلين :
نعم.

أخبرهم بأن يضعوا الكراسات أمامه على الدرج ، بدؤا بالخروج واحدا تلو الاخر ، يضعون كراساتهم أمامه ،

بعدما إنتهوا ، عادوا جميعا للجلوس في مقاعدهم مرة أخرى.

تناول المعلم أحد الكراسات وبدأ يتصفحها.

كان الواجب الذي أخبرهم عنه ، أن يكتب كل منهم موضوع تعبير حسب هواه ،

هدفه أن يعرف قدرت طلابه على الكتابة بشكل صحيح بدون أخطاء إملائية ، خاصة أنهم في نهاية المرحلة الإبتدائية.

تصفح الكثير من الكراسات ، حتى توقف أمام واحدة ، أخذ يدقق النظر للعنوان اليى خطه كاتبه ، القطة القاتلة.

تعجب من العنوان ، والخط المنمق الذي كتب تلك الكلمات ، واصل القراءة.

كعادتي كل يوم عندما أعود للبيت بعد إنتهاء يومي الدراسي ،

أول ما أفعله هو الإطمئنان على عصفوري الذى أقوم بتربيته ، أرى إذا ما كان ينقصه طعام أو شراب ، بداخل قفصه الأنيق.

ما أن دخلت لغرفتي ، حتى وجدت القفص مفتوح ، ملقى على الأرض ،

بجوارة جثة صديقي وقد إختلط ريشه ببقايا طعامه.

أصابني الذهول لبعض الوقت ، غير مصدقا لما تراه عيني ، جلست بجواره على الأرض ،

أمسكت به ، كان جسدة دافئا ، دمائه ما زالت رطبة على أرضية الحجرة ، مما يدل على أنه لم يمر وقت طويل على ما حدث.

إقرأ أيضا: كان يا مكان في أحد الإسطبلات مجموعة من الحمير

أشعر برغبة شديدة في البكاء والصراخ على فقدان صديقي الحبيب ، لم يطاوعني صوتي على الخروج ،

تحجرت الدموع في عيناي ، إنتابني الغضب الشديد ، من فعل ذلك بصديقي.

تلفت حولي رأيت النافذة مفتوحة على غير العادة ،

إتجهت نحوها مسرعا ، لعلي أتعرف على الجاني ، نظرت للأسفل ، رأيته.

1 3 4 10 1 3 4 10

قط أسود ، علقت بفمه واحدة من ريش صديقي ، لقد تسلل لداخل الحجرة من النافذة ،

أسقط القفص هاجم عصفوري بلا ذرة رحمة ، قتله بدم بارد ، وها هو يقف في الأسفل وكأنه لم يفعل شيئا.

أقسمت على الأخذ بثأر صديقي ، ركضت مسرعا ، متجها للشارع ، أنوي الفتك به ،

لدرجة أنني لم أرد على والدتي التي سألتني إلى أين أنا ذاهب ، لم يكن يشغل عقلي سوى فكرة الإنتقام.

خرجت للشارع ، إتجهت نحوه مسرعا ، نظر إلي ، تلاقت عيوننا للحظة ، شعر بغضبي وبأنني أنوي الفتك به ،

أطلق ساقيه للريح ، ركضت خلفة مسرعا ، لم أستطع اللحاق به.

عدت أجر أذيال الخيبة ، بكيت بحرقة ، نظرا لأني رأيت قاتل صديقي ولم أتمكن من فعل شيء.

عدت لحجرتي مرة أخرى والدموع تغرق عيناي ، رأيت أمي واقفة بوسط الحجرة ، تنظر لعصفوري بحزن شديد ،

ما أن رأتني حتى إحتضنتني بقوة ، وأخذت تربت على ظهري.

بعد قليل إنسحبت من بين ذرعيها بهدوء ، توجهت للمطبخ ، أحضرت علبة شاي من الحجم المتوسط ،

قمت بوضع أشلاء صديقي بداخلها ، حملتها بحرص ، متوجها للحديقة القريبة من منزلي.

قمت بالحفر وضعت العلبة التي يرقد بداخلها صديقي ، أهلت التراب عليه بيدي ، وعيناي لا تتوقفان عن البكاء.

بعدما إنتهيت ، جلست بجواره ، أدعو له بالرحمة ، لا أدري كم مر من الوقت ، إلى أن إنتبهت لوجود أمي ،

تطلب مني النهوض ، رفضت في البداية ، لكن مع إلحاحها ، إنصعت لما تريد ، خاصة بعدما أخبرتني أنه يمكنني الدعاء له ، في أي مكان.

عندما عدت للبيت ، لم أستطع تناول الطعام برغم محاولات أمي المتكررة وإلحاحها علي.

نظرت بجواري رأيت كراسة التعبير ، قمت بفتحها ممسكا بالقلم ، وبدأت أخط بيدي ما حدث تخليدا لذكرى صاحبي.

إقرأ أيضا: قصة الخليفة والوالي الفقير

عندما إنتهى المعلم من القراءة ، نظر للإسم المدون على الكراسة ، تسائل قائلا :
أين سليم؟

نهض أحد التلاميذ رافعا يده ليتعرف عليه المعلم ، بدى وجهه شاحبا وفي عينيه نظرة حزن لا تخفى على أحد.

خاطبه المعلم قائلا :
هل أنت من قمت بكتابة هذا الموضوع؟
نعم

أشار إليه المعلم أن يقترب ، تحرك بخطوات ثقيلة ، حتى أصبح بجوار معلمه ،

الذي ربت على كتفه وقام بشد أذره على ما حدث لعصفوره ، خاطب باقي التلاميذ قائلا :
لقد توفى بالأمس عصفور زميلكم.

نهض التلاميذ من مقاعدهم ، لمواساة(سليم) الذي إنهمرت دموعه بغزارة.

بعد قليل خاطب المعلم التلاميذ بالعودة لمقاعدهم ، بينما ظل ممسكا بيد (سليم) ،

نظر لعينيه التي كانت تلمع بفعل ما بها من دموع ، وخاطبه قائلا :

برغم بشاعة ما حدث بالأمس ، إلا أنه كان خيرا كبير لك.
رد ( سليم) بعدم فهم قائلا :
أي خيرا تقصد يا أستاذ؟

أمسك المعلم بكتفيه قائلا :
أنت موهوب بالفطرة يا ولدي ، ولسوف تصبح كاتبا كبيرا يوما ما.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?