نحو حياة أفضل

اللهم ارزقني قلبا مخروقا

اللهم ارزقني قلبا مخروقا

في يوم من الأيام يقول صاحبي ، صليت صلاة الظهر في المسجد وتأخر شيخ كبير بالسن ،

وفاتته ركعة واحدة ، وكان في آخر الصف الذي صليت فيه.

فسمعته يدعو وهو ساجد : (اللهم ارزقني قلبًا مخروقًا )!

فاستغربت هذه الدعوة ، فقلت لعلي سمعت الكلمة بالخطأ.

فركزت في الكلمة الأخيرة 🙁 مخروقًا) ، لعلها كلمة غير ما سمعت ، وإذا هي بالأحرف
م، خ ر، و، قًا

وبهذا تأكدت جيدًا من نطقها.

فقلت : لعل الشيخ طاعن بالسن ولا يعي ما يقوله ، وإلَّا من يجرؤ على نفسه ليدعو بهذا الدعاء.

فكدت أن أنصرف من المسجد ، ولكن جاءني الفضول بأن أسأله عن هذه الدعوة.

بالفعل إنتظرت خارج المسجد فلما خرج إستقبلته بابتسامة وقبلت رأسه وقلت :

يا عم سمعتك تدعو بدعوة غريبة وأنت ساجد ، تقول اللهم ارزقني قلبًا ، قال بالحال : مخروقًا.

قلت : وهل هذا دعاء ؟
قال : نعم يا ولدي.

أنا أبلغ من العمر ثمانين سنة وتراني بصحة وعافية ،

وأصلي في المسجد وأمشي سيرا على الأقدام بالرغم أن بيتي ليس قريبا من المسجد.

القلب المخروق يا ولدي هو : القلب الذي لا يحمل المواقف السيئة ، والعبارات المؤذية ، والكلمات الجارحة ،

والمشاهد الحزينة ، والذكريات المبكية ، ومسارح الإهانة ، ومنصات الجرح.

هو معدوم الذاكرة ولا يحمل للماضي شيء مؤلم.

القلب المخروق لا يحتفظ بلحظات ضعفي ، وهنات معصيتي ، وجرح الآخرين لي ، لأني لو احتفظت بأسماء من يكرهوني ،

وبالمواقف التي خذلني فيها أقرب الناس لي ، ولو حفظت من تبدلت محبتهم بحقد ، ومعروفي لهم بأذى ،

وإحساني لهم بجحود لما رأيتني بهذه الحال من صحة في ديني وبدني.

1 3 4 10 1 3 4 10

إقرأ أيضا: خصوم لنا لا نعرفهم ولا ننتبه لهم

لو كنت أحمل قلبا ليس مخروقا لأصابني مرض السكري من الثلاثين ، ومرض الضغط من الأربعين ، والجلطة في الخمسين.

لا تحمل في قلبك يا ولدي سوى المعروف ، والإحسان ، والحب للجميع.

إحمل هم الدين ، وهم الوطن ، وهم رضا رب العالمين ، ولا تشغل نفسك بتوافه الأمور.

ومن ثم أخذت على نفسي عهد من سن الأربعين ، بأن لا أغضب بتاتا ، ولا أدخل بنوايا الآخرين ،

عطلت جهاز قراءة النفسيات والنوايا وأوكلتها لرب العالمين.

فلو مكث أقرب الناس قاطعا لي ما سألته ، ولم أشره عليه ، ولا أحمله فوق طاقته ، يأتي عزيز ويذهب عزيز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?