قصص منوعة

المبروك من كتاب نقطة الغليان ﻟـ ﺩ.مصطفى محمود

المبروك من كتاب نقطة الغليان ﻟـ ﺩ.مصطفى محمود

أفرغ الرجل كأس الخمر في جوفه وشرع يبكي ويتمتم نادما ، تبت إليك يارب ، لا أعود إلى شربها أبدا ، أعاهدك وأستغفرك.

وبعد لحظات كان يملأ كأس أخرى ، ليلقيها ﻓﻲ ﺟﻮﻓﻪ ﻟﻴﻌﻮﺩ ﻓﻴﺴﺘﻔﻐﺮ ﺑﺎﻛﻴﺎ ﻣﻐﻤﻐﻤﺎ.

ﺳﺎﻣﺤﻨﻲ يارب ﻫﺬﻩ آخر ﻣﺮﺓ ، ﺗﺒﺖ ﺇﻟﻴﻚ ﻭﺭﺟﻌﺖ ﺇﻟﻴﻚ ﻭﺃﻧﺒﺖ ﺇﻟﻴﻚ ،

ﺛﻢ ﻣﺎ ﺗﻠﺒﺚ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﺃﻥ ﺗﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻳﻌﺎﻭﺩﻩ ﺿﻌﻔﻪ ﻓﻴﻐﺎﻟﺒﻪ ﻓﻴﻐﻠﺒﻪ ﻓﻴﻨﻜﺐ ﻋﻠﻰ ﻛﺄﺱ ﺃﺧﺮﻯ.

ﺛﻢ ﻳﻌﻮﺩ ﻓﻴﻘﻒ ﺗﺎﺋﺒﺎ ﺑﺎﻛﻴﺎ ﺑﺎﻟﺒﺎﺏ ، ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ، ﻭ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﻳﺴﻤﻮﻧﻪ ” ﺍﻟﺸﻴﺦ” ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔ ﺑﺤﺎﻟﻪ.

ﺳﺘﻮﻥ ﺳﻨﺔ ﻭﻟﻜﻦ ﻫﻴﻜﻠﻪ ﺍﻟﻤﻀﻌﻀﻊ ﻳﻮﺣﻲ ﺑﺄﻧﻪ ﺟﺎﻭﺯ ﺍﻟﻤﺎﺋﺔ.

ﺟﺎﺀ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻘﻴﻄﺎ ﻣﻠﻘﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺻﻴﻒ ﻓﻲ ﻟﻔﺔ ﻭﻗﻀﻰ ﺻﺒﺎﻩ ﻓﻲ ﻣﻠﺠﺄ ﻟﻸ‌ﻳﺘﺎﻡ ، ﺛﻢ ﻓﻲ ﺳﺠﻦ ﻟﻸ‌ﺣﺪﺍﺙ.

ﻟﻢ ﻳﺪﻉ ﻣﻨﻜﺮﺍ إلا ﻗﺎﺭﻓﻪ ﻭﻻ‌ ﻣﺨﺎﺿﺔ ﺃﻭ ﺣﺎﻝ إلا ﺍﻧﻐﺮﺱ ﻓﻴﻬﺎ.

ﻛﺎﻥ ﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺳﺠﻦ ﻟﻴﺪﺧﻞ ﺳﺠﻨﺎ ﻭﻳﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺗﺨﺸﻴﺒﺔ ﻟﻴﻠﻘﻰ ﻓﻲ ﺗﺨﺸﻴﺒﺔ ﻭﺍﻧﺘﻬﻰ ﺣﺎﻟﻪ ﺇﻟﻰ أن ﺃﺻﺒﺢ ﺣﺎﺭﺳﺎ ﻓﻲ ﻗﺮﺍﻓﺔ ،

ﻳﻨﺎﻡ ﻭﻳﺄﻛﻞ ﻭﻳﺸﺮﺏ ﻭﻳﺴﻜﻦ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﻮﺗﻰ.

ﻳﺤﺮﺱ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﻧﻬﺎﺭﺍ ﺛﻢ ﻳﻌﻮﺩ ﻓﻴﻨﺒﺸﻬﺎ ﻟﻴﻼ‌ ﻟﻴﺒﻴﻊ ﺍﻟﺠﺜﺚ ﻟﻄﻠﺒﺔ ﺍﻟﻄﺐ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺟﻨﻴﻬﺎﺕ ﻗﻠﻴﻠﺔ ﻳﺴﻜﺮ ﺑﻬﺎ.

ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ” ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ” ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻠﻒ ﺍﻟﺴﻮﺍﺑﻖ ﺍﻟﺤﺎﻓﻞ ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻃﺮﺍﺯ ﺧﺎﺹ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ.

ﻛﺎﻥ ﻣﺠﺮﻣﺎ “ﻏﻠﺒﺎﻧﺎ” ﺩﺍﺋﻢ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺩﺍﺋﻢ ﺍﻟﻨﺪﻡ ﻣﻨﻜﺴﺮ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ الأرض،

ﻳﻼ‌ﺯﻣﻪ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺄﻧﻪ ﺣﺸﺮﺓ ﻭﺑﺄﻧﻪ ﻻ‌ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺷﻌﺎﻉ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻄﻠﻌﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ولا ﻧﺴﻤﺔ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻨﻔﺴﻬﺎ ،

ﻭﻻ‌ ﺍﻟﻠﻘﻤﺔ ﺍﻟﺠﺎﻓﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺄﻛﻠﻬﺎ.

ﻭ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺮﺗﻜﺐ ﺫﻧﺒﺎ إلا ﻛﺎﻧﺖ ﻭﺭﺍﺀﻩ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻣﻠﺤﺔ ﺗﺪﻓﻌﻪ ، ﻭﺣﻴﺎﺗﻪ ﻛﻠﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺤﺎﻭﻟﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮﺓ ﻟﻼ‌ﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﺩﻭﻥ جدوى ،

ﻓﻬﻮ ﻳﻐﺎﻟﺐ ﻃﺒﻌﻪ ﻭﻃﺒﻌﻪ ﻳﻐﻠﺒﻪ ، ﻳﻐﺎﻟﺐ ﺿﻌﻔﻪ ﻭﺿﻌﻔﻪ ﻳﻐﻠﺒﻪ.

ﺛﻢ ﻳﺒﻜﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻭﻳﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺨﺰﻱ ﻭﺍﻟﻬﻮﺍﻥ ، ﻭﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ينسى ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻬﻮﺍﻥ ﺑﺎﻟﺸﺮﺏ ﻓﻴﺰﺩﺍﺩ ﺑﺎﻟﺸﺮﺏ ﻫﻮﺍﻧﺎ.

إقرأ أيضا: من يصلح الملح إذا الملح فسد!

ﻳﺸﻌﺮ ﺩﺍﺋﻤﺎ أن ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺮﺍﻩ ، ﻭﻻ‌ ﻳﺪﺭﻱ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻳﺄﺗﻴﻪ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ، ﻭﻻ‌ ﻛﻴﻒ ﻳﻔﻌﻞ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻞ ﺃﻣﺎﻡ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ‌ ﺗﻨﺎﻡ.

1 3 4 10 1 3 4 10

ﺷﻌﻮﺭﻩ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ‌ ﻳﻔﺎﺭﻗﻪ ﻫﻮ الإشمئزاز ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ.

ﻭﻫﻮ ﺷﻬﻮﺭ ﻣﻼ‌ﺯﻡ ﻟﻪ ﻛﺎﻟﺘﻨﻔﺲ ﻻ‌ ﺧﻼ‌ﺹ ﻣﻨﻪ ، ﻭﻛﺄﻧﻪ ﺻﺮﺻﻮﺭ ﻏﺎﺭﻕ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻨﻘﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻤﻒ ﻛﻠﻤﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﺨﻼ‌ﺹ ﺍﺯﺩﺍﺩ ﻏﺮﻗﺎ.

ﻻ‌ ﻳﻨﺠﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﺄﺳﺎ إلا ﺍﻳﻤﺎﻧﻪ ﺑﺄﻥ ﺫﻧﻮﺑﻪ ﻣﻬﻤﺎ ﻋﻈﻤﺖ فإن ﻋﻔﻮ ﺍﻟﻠﻪ أعظم ،

ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ‌ ﺗﻨﻔﻌﻪ ﻃﺎﻋﺘﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﻀﺮﻩ ﺫﻧﻮﺑﻨﺎ .. ﻓﻬﻮ ﻏﻨﻲ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ.

ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺳﻊ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺭﺣﻤﺔ ﻭﻋﻠﻤﺎ ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻮﻫﺎﺏ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ‌ ﻳﺤﺘﺎﺝ لأحد.

ﻻ‌ ﻳﻜﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ، ولا ﻳﻜﻒ ﻋﻦ ﺍﻟﻮﻗﻮﻑ ﺑﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﺄﻥ ﻳﺪﻳﻪ ﻣﻠﻄﺨﺘﺎﻥ بالآثام.

ﻳﻌﺮﻑ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺗﺎﺭﻳﺨﻪ ﻭﻳﺴﺨﺮﻭﻥ ﻣﻨﻪ ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﻳﻌﻄﻔﻮﻥ ﻋﻠﻴﻪ ، ﻭ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻪ : ﺍﺩﻉ ﻟﻨﺎ ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻓﻴﻘﻮﻝ ﻟﻬﻢ :

ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻜﻢ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ، ﻭﻟﻜﻦ ﻻ‌ أنا ﺷﻴﺦ ﻭﻻ‌ أنا مبروك ،

ويبكي ويديه ﺍﻟﻤﺮﺗﺠﻔﺔ ﺗﺤﺖ ﺟﻠﺒﺎﺑﻪ ﻟﻴﺨﺮﺝ ﺍﻟﺰﺟﺎﺟﺔ ﻓﻴﺸﺮﺑﻬﺎ ﻣﻤﺰﻭﺟﺔ ﺑﺪﻣﻮﻋﻪ ﺛﻢ ﻳﻤﻀﻲ ﻳﺤﺚ ﺍﻟﺨﻄﻰ ﻻ‌ﺋﺬﺍ ﺑﺎﻟﺠﺪﺭﺍﻥ ﻣﻨﻜﺲ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺇﻟﻰ الأرض ﻟﻴﺨﺘﻔﻲ ﻓﻲ ﻇﻠﻤﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﺮ ، ﻭﻫﻮ ﻳﺴﺘﻐﻔﺮ ﻭيطلب ﺍﻟﻌﻔﻮ.

ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ أن ﻳﻔﺘﺢ ﺣﻮﺵ ﺍﻟﺤﺎﺝ إبراهيم ﻟﻠﻤﺮﺓ ﺍﻟﺨﺎﻣﺴﺔ ﻟﻴﻠﺘﻘﻲ الإبن ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻟﻠﺤﺎﺝ.

ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﺘﻲ كانت ﺗﺘﻜﺮﺭ ﻛﻞ ﻋﺎﻡ ، ﻛﻠﻤﺎ ﺃﻧﺠﺐ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﺍﺑﻨﺎ ﺷﻖ ﻟﻪ ﻟﺤﺪﺍ.

ﻭﻛﺎﻥ ﻗﻠﺐ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻳﻨﻔﻄﺮ ﺣﺰﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ الأب ﺍﻟﻮﺍﻟﻪ ﺍﻟﻐﺎﺭﻕ ﻓﻲ ﺩﻣﻮﻋﻪ.

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﻜﻲ : ﺫﻟﻚ ﻫﻮ ﺍﺑﻨﻲ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ، ﺑﻨﺘﻲ الوحيدة ﺃﺻﺎﺑﻬﺎ شلل الأطفال ﻣﻦ ﺷﻬﻮﺭ ﻭﺃﺻﺒﺤﺖ ﻛﺴﻴﺤﺔ ﺗﺘﺤﺮﻙ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﺳﻲ ﺑﻌﺠﻼ‌ﺕ.

وبالأمس ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻄﺒﻴﺐ : ﺇﻧﻪ ﻻ‌ ﻓﺎﺋﺪﺓ ، ﺗﺂﻛﻠﺖ ﺟﺬﻭﺭ الأعصاب ﻭلم ﻳﻌﺪ ﻳﻨﻔﻊ ﻃﺐ ﻭﻻ‌ ﺩﻭﺍﺀ.

ﻋﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﻧﺸﻖ ﻟﻬﺎ ﻟﺤﺪﺍ ﺁﺧﺮﺍ ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ، ﻋﻦ ﻗﺮﻳﺐ ﺁﺗﻲ ﺑﻬﺎ ﺇﻟﻴﻚ ﻣﺤﻤﻮﻟﺔ ، ﻳﺎ ﺭﺏ ﺭﺟﻤﺘﻚ.

ﻭﺃﻟﻘﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺻﺪﺭ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻭﺭﺍﺡ ﻳﺒﻜﻲ ﻭﻳﻨﻬﻨﻪ ﻛﻄﻔﻞ ﻳﺘﻴﻢ.

إقرأ أيضا: الأصدقاء الثلاثة

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﻓﻲ ﺩﻣﻮﻋﻪ : ﺍﺩﻉ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻔﺎﺀ ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ، ﻟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺸﻔﻴﻬﺎ ﺑﺪﻋﻮﺗﻚ.

ﻗﺎﻝ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻭﺍﻟﺨﺰﻱ ﻳﻤﻸ‌ ﻧﺒﺮﺍﺗﻪ : ﺃﻧﺖ أولى ﺑﺎﻟﺪﻋﻮﺓ ﻳﺎ ﺣﺎﺝ ،

ﺃﻧﺖ ﺣﺠﻴﺖ ﺑﻴﺖ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻭﺯﺭﺕ ﺍﻟﻨﺒﻲ ، ﺃﻣﺎ أنا ﻓﺤﺠﻲ ﻛﺎﻥ إلى ﺍﻟﺴﺠﻮﻥ وزياراتي ﻟﻠﻤﻼ‌ﺟﺊ ،

وحظي ﻣﻦ ﺗﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﻮ ﻣﺎ ترى ، ﻓﻜﻴﻒ ﺃﺟﺮﻭﺅ أن ﺃﺭﻓﻊ ﻭﺟﻬﻰ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺪﻋﺎﺀ.

ﻓﻌﺎﺩ ﺍﻟﺤﺎﺝ ﻳﻘﻮﻝ ﺑﺎﻛﻴﺎ : ﺑﺢ ﺻﻮﺗﻲ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎﺀ ﻭﺟﺎﻫﺪﺕ ﻧﻔﺴﻲ ﺻﻼ‌ﺓ ﻭﺻﻮﻣﺎ ﻓﻤﺎ ﺍﺳﺘﻤﻌﺖ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻟﺪﻋﺎﺋﻲ ،

ﺍﺩﻉ ﻟﻬﺎ أنت ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻓﺎﻟﻠﻪ ﺭﺏ القلوب ، ﺑﺤﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﺩﻉ ﻟﻬﺎ ولا تخيب ﺭﺟﺎﺀ أب.

ﻓﺮﻓﻊ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻳﺪﻳﻪ إلى ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﺍﺟﻤﺎ ﺧﺰﻳﺎﻥ ﻭﺗﻮﺟﻪ إلى ﺍﻟﻠﻪ بنظرات خجل ،

ﻭﺗﻤﺘﻢ ﺑﺪﻋﻮﻯ ﻣﺨﻀﻠﺔ ﺑﺎﻟﺪﻣﻊ ﻣﺘﻬﺪﺟﺔ بالإنكسار :

ﺭﺏ ﺍﺷﻔﻬﺎ ﻻ‌ ﺷﺎﻑ ﺳﻮﺍﻙ ﻭﻋﺎﻓﻬﺎ ﻓﻼ‌ ﻣﻌﺎﻑ ﺳﻮﺍﻙ ، ﻭﺑﻜﻰ ﺍﻟﺮﺟﻼ‌ﻥ ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺒﻜﻴﺎ ﻣﻨﺬ ﻭﻟﺪﺍ.

ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺷﻬﺪﺕ ﺍﻟﻘﺮﺍﻓﺔ ﺍﻟﺤﺎﺝ إبراهيم ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ، ﻭﻳﻔﺘﺶ ﻋﻨﻪ ﻛﺎﻟﻤﺠﻨﻮﻥ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﻮﻝ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﻳﻠﻘﺎﻩ :

ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ؟ ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ؟ ﺩﻟﻮﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ ، ﺑﻨﺘﻲ ﺷﻔﻴﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻠﻞ.

ﻗﺎﻣﺖ ﻣﻦ ﻛﺮﺳﻴﻬﺎ ﻭﻣﺸﺖ ﻭﺣﺪﻫﺎ ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻫﻲ ﻣﻌﺠﺰﺓ ، ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ، ﺃﻳﻦ ﺃﺟﺪ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ.

ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻛﺎﻥ ﻗﺪ ﻣﺎﺕ ﻭﻟﻘﻰ ﺭﺑﻪ ﻓﻲ ﻓﺠﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻭﺩﻓﻦ ﺣﻴﺚ ﻟﻔﻆ ﺃﻧﻔﺎﺳﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻤﺘﻢ ﺑﺎﻛﻴﺎ ﻛﻌﺎﺩﺗﻪ ﻛﻠﻤﺎ ﻭﺿﻊ ﺧﺪﻩ ﻟﻴﻨﺎﻡ ،

ﺭﺏ ﺍﻏﻔﺮ ﻟﻲ ﻓﻤﻦ ﻳﻐﻔﺮ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ إلا أنت ، ﺭﺏ إﻥ ﺫﻧﻮﺑﻲ ﻭﺍﻥ ﻛﺜﺮﺕ فإنها ﻟﻦ ﺗﻀﺮﻙ ﻭﻃﺎﻋﺎﺗﻲ وإن ﻛﺜﺮﺕ فإنها ﻟﻦ ﺗﻨﻔﻌﻚ ،

فأنت ﺍﻟﻐﻨﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ.

ﺭﺏ ﻣﻬﻤﺎ ﻋﻈﻤﺖ ﺫﻧﻮﺑﻲ فإن ﻋﻔﻮﻙ ﺃﻋﻈﻢ ، ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻛﺒﺮﺕ ﺁﺛﺎﻣﻲ فإن ﺍﺣﺴﺎﻧﻚ أكبر.

إقرأ أيضا: يقال أن إبليس أراد الرحيل من مكان كان يسكن فيه

ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ ﻭﺳﻌﺖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﺭﺣﻤﺔ ﻭﻋﻠﻤﺎ ، ﻓﺎﺭﺣﻢ ﺿﻌﻔﻲ ﻭﻋﺠﺰﻱ ﻭﻓﺎﻗﺘﻲ ﻭﺍﻧﺖ ﺍﻟﻘﺎﺋﻞ:زﻭَﺧُﻠِﻖَ ﺍﻟْﺈِﻧْﺴَﺎﻥُ ﺿَﻌِﻴﻔًﺎ (28) ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ

ﺭﺏ ﺍﻗﺒﻠﻨﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻜﺴﺮﻳﻦ ﺍﻟﺨﺎﺋﻔﻴﻦ ﺍﻟﻤﺸﻔﻘﻴﻦ ﺍﻟﻮﺟﻠﻴﻦ ، ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻧﺖ ﺍﻟﺮﺏ ﻭﺍﻧﺎ ﺍﻟﻌﺒﺪ ، ﺍﻧﺖ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﻭأﻧﺎ ﺍﻟﻌﺪﻡ ،

ﺳﺒﺤﺎﻧﻚ ﻻ‌ أملك ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻲ ﺷﻴﺌﺎ ﻭﻻ‌ أملك ﻟﻨﻔﺴﻲ ﺷﻴﺌﺎ.

ﺭﺏ أﺳﻠﻤﺖ ﻧﻔﺴﻲ ﺍﻟﻴﻚ ، ﻭأﺳﻠﻤﺖ ﺿﻌﻔﻲ ﺍﻟﻴﻚ ، ﻭأﺳﻠﻤﺖ ﺣﻘﻴﻘﺘﻲ ﺍﻟﻴﻚ ، ﻭﺍﺳﻠﻤﺖ ﺍﺭﺍﺩﺗﻰ ﺍﻟﻴﻚ ،

ﻭﺍﺳﻠﻤﺖ ﺭﻭﺣﻰ ﺍﻟﻴﻚ ، ﻻ‌ ﺣﻮﻝ ﻭﻻ‌ ﻗﻮﺓ إلا بك ﺍﺣﻴﺎ ﻭﺑﻚ ﺍﻣﻮﺕ ﻭﺑﻚ ﺍﺑﻌﺚ وبك أنال ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻭﺑﻚ أدخل ﺍﻟﺠﻨﺔ.

ﻭﻃﻠﻊ ﻓﺠﺮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺁﺧﺮ ﺍﻧﻔﺎﺱ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﺒﺮﻭﻙ ﻳﺴﻠﻤﻬﺎ إلى ﺭﺑﻪ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
× How can I help you?