المرأة التي اشترطت رجل فصيح ليتزوحها
المرأة التي اشترطت رجل فصيح ليتزوحها
كان حمران بن الأقرع الجعدي من فصحاء العرب في الجاهلية ، كان فصيح الكلمة ، بليغ التعبير ، مفحم الجواب.
وكانت في زمنه إمرأة تدعى صدوف ، وكان لها مال وفير ومكانة ، فضلا عن أنها إشتهرت بفصاحتها وجمالها.
ولما كثر خطابها أعلنت أنها لن تتزوج إلا من فصيح مثلها ،
وجعلت له إمتحانا هو أن يعلم ما تسأله عنه ، وأن يجيب عنه بما يلزم دون أن يتجاوزه.
فتدفق عليها العشرات ولم يوفق أحدهم ، حتى جاءها حمران وهي تسمع به ، ولكن لا تعرفه.
فلما أدخل عندها ظل واقفا وكان الخطاب يأتون إليها فيجلسون قبل أن يؤذن لهم·
فنظرت إليه وقالت : ما يمنعك من الجلوس؟
قال : حتى يؤذن لي.
قالت : وهل عليك أمير؟
قال : رب البيت أحق بفنائه ، ورب الماء أحق بسقائه ، وكل له ما في وعائه!
قالت : ماذا أردت؟
قال: حاجة ، ولم آتك لحاجة!
قالت : تسرها أم تعلنها؟
قال : هي تسر وتعلن.
قالت : فما حاجتك؟
قال : قضاؤها هين ، وأمرها بين ، وأنت بها أخبر ، وبنجحها أبصر.
قالت : فأخبرني بها.
قال : قد عرضت ، وإن شئت أعبرت.
قالت : من أنت؟
قال : أنا بشر ، ولدت صغيرا ، ونشأت كبيرا ، ورأيت كثيرا.
قالت : فما اسمك؟
قال : من شاء أحدث إسما ، وقال ظلما ، ولم يكن الإسم عليه حتما.
قالت : فمن أبوك؟
قال : والدي الذي ولدني ، ووالده جدي ، ولم يعش بعدي.
إقرأ أيضا: قصة ترويها أخت عن صديقتها
قالت : فما مالك؟
قال: بعضه ورثته ، وأكثره إكتسبته.
قالت وقد تشوقت لمعرفته : فمن أنت؟
قال : من بشر كثير عدده ، معروف ولده ، ويغنيه أبده.
قالت: ما ورثك أبوك عن أوليه؟
قال : حسن الهمم ، ووفاء الذمم.
قالت : فأين تنزل؟
قال : على بساط واسع ، في بلد شاسع ، قريبه بعيد ، وبعيده قريب!
قالت : فمن قومك؟
قال : الذين أنتمي إليهم، وأجني عليهم ، وولدت لديهم.
قالت : فهل لك إمرأة؟
قال : لو كانت لي لم أطلب غيرها ، ولم أضيع خيرها.
قالت : كأنك ليست لك حاجة؟ قال: لو لم تكن لي حاجة ، لم أنخ ببابك ، ولم أتعرض لجوابك ، وأتعلق بأسبابك.
قالت : إنك لحمران بن الأقرع الجعدي؟
قال : إن ذلك ليقال! فقبلته زوجا وزوجته نفسها!