الناس متفاوتون في الإيمان والتقوى والعمل ، وكذلك يتفاوتون في درجات الشر ،
وكان النبي صل الله عليه وسلم يعلمنا صفات كثير من أنواع الناس بما يَغلِبُ عليهم ؛ حتَّى نُنَزِّلَ الناس منازلهم التي تليق بهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ رَسولُ اللهِ صل الله عليه وسلَّم أن «غِلَظ القُلوبِ» ، أي : قَسوتها وعدَم فَهمِها ،
وأنَّ جَفاءَ القُلوبِ وعدَمَ قَبولِها للحَقِّ بسَبَبِ الكُفرِ وعَدمِ الإيمانِ ؛ في أهلِ المشرِقِ ،
وقد أوضَحَت رِوايةٌ في الصَّحيحَينِ من حَديثِ أبي مَسعودٍ عُقبةَ بنِ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عَنه أنَّهم أهلُ رَبيعةَ ومُضَرَ ،
وهَذا في عَهدِ النَّبيِّ صل اللهُ عليه وسلَّم ؛ وذلكَ لِما فيهِم منَ الشِّدَّةِ لِطَبيعةِ ما هُم فيه من الأحوالِ القاسيةِ ،
وقيل: المقصود : جميعُ المَشرقِ الأدنى والأقصى والأوسط ، وقد ظهَرَ فيهم فِتنةُ مُسَيلِمَةَ ،
وفِتنةُ المُرتدِّينَ ؛ من رَبيعةَ ومُضَرَ وغيرِهما في الجزيرةِ العربيَّةِ ، والمُرادُ إختصاصُ المَشرِقِ بمَزيدٍ من تَسلُّطِ الشَّيطانِ ومِن الكُفرِ.
وأخبر صل الله عليه وسلم أن مبدَأ الإيمانِ ومُستقَرَّه ، والسُّكونَ والطُّمأنينةَ ، والوَقارَ ؛ في أهلِ الحِجازِ ،
أي : مَكَّةَ والمدينةِ وما حولَهما ، وسُمِّي حِجازًا لأنَّه فَصَل بين نَجدٍ والسَّراةِ ، وقيل : بين الغَورِ والشَّامِ ، وقيل: لأنَّه احتُجِزَ بالجِبالِ.
وفي الحديثِ : بَيانُ فَضلِ أهلِ الحجاز على غَيرِهم من الناس.