الوصية العجيبة الجزء الثاني
الوصية العجيبة الجزء الثاني
في صباح اليوم التالي انطلق زيدون ناحية منزل المرحوم عمه والذي أصبح ملكا لسمحون وطرق الباب ثم إرتدى طاقية الإخفاء ،
فلما فتح الخادم الباب لم يجد أحدا نظر يمينا ويسارا ثم عاد إلى البيت وأغلق الباب.
لكن الذي حدث هو أن زيدون ولج إلى الداخل دون أن يشعر به الخادم.
اتجه إلى غرفة سمحون الذي كان نائما فدخلها وانتظر فلما نهض أخوه وخرج عمد زيدون إلى دولابه ففتحه ،
وأخرج منه عقد الملكية البيت وانصرف من ساعته نحو مجلس القضاء ،
وهناك وضع طاقيته أيضا فاختفى ودخل إلى غرفة القاضي.
كان القاضي جالسا يحرر بعض الأوراق فوقف زيدون أمامه دون أن يشعر به القاضي أو يراه بتاتا ،
ثم خرج القاضي وأقفل الباب خلفه وزيدون في الداخل فقام الأخير فورا بتفتيش مكتب القاضي حتى عثر على صك الملكية الخاص بدكانه.
فخبأه وهنا دخل القاضي وبرفقته سمحون وهما يضحكان ،
ثم سمع أخوه وهو يقول للقاضي لولاك يا سيادة القاضي لما استطعت الحصول على دكان زيدون الغبي.
قال القاضي لدي أساليبي كما تعرف فبحكم منصبي فأنا أعرف عدد من أمهر المزورين الذين قاضيتهم سابقا ،
وهم من قاموا بتغيير صيغة العقد لصالحك.
بارك الله فيك يا سيدي إسمح لي الآن أن أحضر شهبندر التجار والشهود وسأعود فورا.
خرج سمحون فيما جلس القاضي على مكتبه وهنا شعر القاضي فجأة بيد تضغط على رقبته من الخلف ،
ثم شاهد ورقة تخرج من العدم وتنفرش أمامه على المكتب.
التفت القاضي فلم يجد أحدا لكنه مازال يشعر بالضغط الشديد على رقبته فامتلئ رعبا حتى سمع صوت يقول له ،
لقد وضعت أمامك سند بيت سمحون هيا حرره باسم أخيه زيدون حالا وأبطل بيع دكانه ،
وإياك أن تتحدث حول هذا الأمر وإلا سوف آتيك في الليل وأنغص عليك معيشتك ، مفهوم.
إقرأ أيضا: حكاية أونامير والحورية الجزء الأول
طأطأ القاضي برأسه موافقا ، الخوف يكاد يأكل أركانه.
دخل سمحون رفقة شهبندر التجار وبعض الشهود ثم دخل زيدون وهو مرئي كونه لا يضع طاقيته ،
فقال له سمحون لقد جئت في وقتك يا زيدون تماما قبل انقضاء أربعة وعشرون ساعة من مهلتك ،
كي تشهد تخليك عن دكانك لمصلحتي.
ضحك زيدون وقال ما هذا الهراء الذي تتفوه به إنما جئت لأستلم مفاتيح بيتك أنت.
ذهل سمحون وفتح فمه من الدهشة من رد زيدون القاصف ،
ثم التفت إلى القاضي وقال له هيا يا سيادة القاضي أخرج سند الدكان وأكمل إجراءات البيع.
رد القاضي وجبينه يتصبب عرقا آسف لا أجد عقد الدكان.
صرخ سمحون ماذا تعني بأنك لا تجده لقد سلمته إليك البارحة.
أجاب القاضي بانزعاج قلت لك إنه ليس معي ، لا يوجد أمامي هنا سوى عقد بيتك أنت ،
وهو محرر وجاهز للبيع للسيد زيدون بالسعر المحدد.
تعاظمت دهشة سمحون وصاح بيتي أنا وكم السعر المحدد.
قال القاضي عشرة دنانير.
أطلق سمحون ضحكة مسعورة وصاح لابد أنك تمزح معي أليس كذلك.
أنا القاضي وأنا لا أمزح.
نظر الشهبندر إلى العقد وقال العقد صحيح وصيغته لا غبار عليها وأنا وهؤلاء السادة نشهد أن بيت سمحون قد أصبح من حق زيدون ،
نظير المقابل المادي المقدر بعشرة دنانير فقط لا غير.
وهنا لم يعد سمحون يحتمل أكثر فانفجر بوجه القاضي قائلا أيها القاضي المخادع لقد رشوتك لتقوم بتحويل دكان زيدون إلي ،
وإذا بك تفعل العكس وتسلمه بيتي يا غبي.
إقرأ أيضا: تزوجت ضريرا
انتفض القاضي ونادى الحرس ليقبضوا عليه بينما سمحون مستمر بشتم القاضي واتهامه بالرشوة ،
فحكم عليه القاضي بالسجن بتهمة التشهير وازدراء مجلس القضاء وهكذا انقلب السحر على الساحر كما يقولون ،
وعاد زيدون إلى داره مظفرا وبيده ملكية بيت عمه.
دخل إلى غرفة المرآة ونظر إليها بفخر فأدرك شيئا مهما لقد حرمه عمه من الميراث وترك له فقط هذه المرآة حتى ينتبه إليها ويستعملها بحكمة ،
لأنه لو أعطاه جزءا من التركة لانشغل بالمال.
ولما التفت إلى المرآة العتيقة الملقاة في الغرفة ترحم زيدون كثيرا على عمه وعاهده أن يكون عند حسن ظنه به.
وفي تلك الاثناء كانت حماة زيدون تقوم بزيارة شخص مريب يقوم سرا بممارسة أعمال السحر الشيطاني ،
وبعد أن اختلت بذلك الساحر قالت له أريدك أن تفعل لأجلي أمرا واحدا أن تخلصني من زوج ابنتي حتى أقدر أن أزوجها إلى رجل أكثر ثراءا.
قال الساحر هذان أمران لا واحد الأول أن أخلصك من زيدون والثاني أن أجعل ابنتك تتزوج من الشخص الذي تفضلينه.
قالت نعم هذا ما قصدته أيها الساحر العظيم.
أطرق الساحر برهة وقال الأمر صعب صعب جدا.
قالت أرجوك أيها الساحر أنا مستعدة لفعل أي شيء.
قال إسمعي إذن هل له أولاد قالت له بنت صغيرة تدعى شيماء ، قال أحضري شيماء معك عندما تأتي في المرة القادمة ،
وسأقر عينك بما طلبتي.
أبدت المرأة قلقها من إحضار شيماء فقال الساحر لا تخشي شيئا لن يحدث لها مكروه ، وستعود في نفس اليوم معك إطمأني.
إقرأ أيضا: الوصية العجيبة الجزء الثالث
عادت الجدة وأغرت حفيدتها للقدوم معها إلى حيث الساحر ،
دخل الساحر إلى غرفة مظلمة وجعل يقوم بطقوس غريبة لغرض الإتصال بالشياطين ،
فيما انتظرت كل من شيماء وجدتها في غرفة أخرى وما هي إلا لحظات حتى شعرت الإثنتان برائحة قوية جعلتهما يشعران بالدوخة ثم تفقدان الوعي.
وعند منتصف الليل إستيقظت الجدة على نباح الكلاب وهي تلعق وجهها ففزعت ووجدت نفسها مرمية وسط مزبلة المدينة ،
فأصابها الرعب ما لا يعلم مبلغه إلا الله فقد تيقنت الجدة أن الساحر قد خدعها لاستدراج حفيدتها شيماء وخطفها.
فبكت بشدة ، فأخذت تصرخ فلن ينفعها أي شيء الآن حتى سمعها القاصي والداني وهبوا لنجدتها ،
فأخبرتهم بعنوان بيتها وقالت أن حفيدتها خطفت وأعطت الجدة مواصفات الساحر مدعية أنه لص خاطف ،
ولم تأتي على ذكر زيارتها لمقره بل قالت أخذونا أولا إلى بيت ما حيث خدرونا هناك ثم استيقظت لأجد نفسي في هذه المزبلة.
سألوها وأين يقع ذاك البيت.
قادتهم إليه فاقتحموه فلم يعثروا على أحد ، لقد كان المنزل فارغا فسقطت الجدة أرضا وأخذت تبكي وتلطم وجهها.
عاد زيدون من فوره بعد أن علم بخطف إبنته واتجه إلى المرآة العجيبة فوقف أمامها وقال أريد ابنتي إنها في العاشرة فقط ،
لابد أنها مرعوبة الآن أريد أن أستعيد شيماء فورا.
هنا تبدلت صورة زيدون على المرآة لتظهر مكانها صورة شيماء وهي مقيدة في غرفة مظلمة.
يتبع ..