الوظيفة تسرق الأعمار بلا فائدة
أقبح شيء في هذا الوجود هو أن تكون موظفا ، مقبوض عليك من الثامنة والنصف إلى الرابعة والنصف.
بينما تمر أشياء جميلة خارج مقر عملك لن تراها.
حياتك كاملة ستمر في هذه الدوامة.
لن تستطيع التغيب إلا بإذن ، ولن تأخد عطلة راحة إلا بإذن وإذا مرضت لن يصدقك أحد حتى تدلي بشهادة طبية.
وأحيانا لن يصدقوا حتى مرضك الواضح على وجهك فيرسلونك إلى الفحص للتأكد.
لن تتمتع بنوم الصباح ، لن تتمتع بشبابك ورجولتك.
ستتوه وسط حروب تفرضها طبيعة عملك،
ستقضي حياتك ركضا عبر وسائل النقل لتكون حاضرا في الوقت الذي حددوه لك.
ستعيش بأعصاب متوترة.
تستهلك أقراصا مقوية ، وأخرى ضد التوترات العصبية.
ستظل تتمنى وتنتظر الزيادة في الأجور وترقيات السلم الوظيفي ،
وتتابع الحوارات الإجتماعية والنقابات أملا في الحصول على مستحقاتك المنهوبة.
لن يسمح لك بالمغادرة إلا بعد أن تقضي خمسة وعشرين سنة في هذه الدوامة أو عندما تبلغ حد سن المعاش.
سيحتفل بك ، وبنهايتك ، وقرب موتك زملاؤك في العمل.
يقولون كلمة وداع في حقك ، سيبكي البعض ليس عليك بل على حالهم الذي يشبه حالك.
سيمنحك رئيسك المباشر شهادة وهدية بلا قيمة ، هي عزاء أمام حياتك التي سرقت منك.
ستعود إلى البيت صامتا.
وفي صباح أول يوم من تقاعدك ستنتبه أن الأولاد رحلوا عن البيت ، وأن شريكة حياتك هرمت وغشى الشيب رأسها.
تتمعن فيها ، تتساءل متى وقع كل هذا ،
حينها سينادي المنادي فيك ،
أن الوظيفة تسرق الأعمار بلا فائدة ، فلا تنخدع في المسكِن المسمي بالمرتب الثابت.
كن فاعلا ولا تختار أن تكون مفعولا به.