امحها يا علي .. قاعدة إجتماعية وإدارية وأسرية
في صلح الحديبية والذي كان بين كفار قريش وبين رسول الله صل الله عليه وسلم حتى يدخل المسلمون البيت الحرام ،
إختار المشركون سفيرا لهم وهو سهيل بن عمرو لعقد الصلح ، وبعد الإتفاق على قواعد الصلح قال صل الله عليه وسلم :
هات أكتب بيننا وبينك كتابا.
فدعا الكاتب وهو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال :
أكتب بعد باسمك اللهم هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله وسهيل بن عمرو.
فاعترض سهيل بن عمرو وقال : والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ، ولكن أكتب محمد بن عبدالله.
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم لعلي :
إمحها يا علي واكتب محمد بن عبدالله
فقال علي رضي الله عنه : والله لا أمحوها أبدا يا رسول الله.
فقال صل الله عليه وسلم : هاتها يا علي فمحاها بيده عليه الصلاة والسلام ،
لأنه يعلم تماما أن علي لن يمحو كلمة رسول الله.
امحها يا علي : هي إستراتيجية النبي صل الله عليه وسلم للحفاظ على مؤسسة الإسلام ،
والتي لم يستطع لحظتها كبار الصحابة رضوان الله عليهم إستيعابها.
امحها يا علي ، تجاوز عن الصغائر للحفاظ على العظائم التي كانت تنتظر الأمة.
امحها يا علي ، تحول بالمسار من الجدل الهادر للأوقات الثمينة ،
إلى الإنشغال بما ينبني عليه من الأعمال القويمة.
امحها يا علي ، خسارة لحظية لأجل مغانم إستراتيجية.
امحها ياعلي ، خطوة تكتيكية للوراء ﻷجل قفزة إستراتيجية مبهرة للأمام.
وامحها يا علي ، فتح بها نبيكم مكة.
إقرأ أيضا: لا بأس إنهض وحاول الليلة مرة أخرى
امحها يا علي ، تلك إستراتيجية نبيكم مع كفار قريش ،
فما بالكم مع صحبه ومع من شاطره الهدف والهم والحزن والغم.
امحها يا علي ، تحتاج إلى نفسيات لا تصيبها نشوة السلطة والقوة أو نشوة القدرة على الإبتزاز.
امحها يا علي ، تتطلب شجاعة المسامحة من جهة وشجاعة الإعتذار من جهة أخرى.
وامحها يا علي ، ما أحوج أبناء اﻷمة الإسلامية لترجمتها وما أجملها من إستراتيجية نبوية.
ما أحوج الرجل وزوجته بها ، وما أحوج الوالد وابنها بها ،
ما أحوج الأخ وإخوته بها ، وما أحوج الجار وجاره بها ، ما أحوج الصديق وصديقه بها.