بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الفرس قد جمعوا جموعا كثيرة بلغت مائة وخمسين ألف مقاتل ،
فاستشار الناس لقائد يوليه ذلك الثغر ولهذه المهمة؟!
وبعد تداول قال : والله لأولين أمرهم رجلا ليكونن أول الأسنة إذا لقيها غدا.
فقيل : من يا أمير المؤمنين؟ قال : النعمان بن مقرن المزني ، قالوا : هو لها!
وكانت القوات الفارسية بقيادة الفيرزان ، وقبيل بدء المعركة قال النعمان : إني مكبر ثلاثا ،
فإذا كبرت الأولى ، فليتهيأ من لم يتهيأ ، ويشد الرجل نعله ، ويصلح من شأنه ،
فإذا كبرت الثانية فليشد الرجل إزاره وليتهيأ لوجهته ، وليتأهب لوجه حملته ،
فَإذا كبرت الثالثة ، فإني حامل إن شاء الله ، فاحملوا معي.
وإن قتلت فالأمير حذيفة ، وعد سبعة آخرهم المغيرة بن شعبة.
ثم قال : اللهم أعز دينك ، وانصر عبادك ، واجعل النعمان أول شهيد اليوم على إعزاز دينك ونصر عبادك ،
اللهم إني أسألك أن تقر عيني اليوم بفتح يكون فيه عز الإسلام.
قال المغيرة : والله ما علمت من المسلمين أحدا يومئذ يريد أن يرجع إلى أهله حتى يقتل أو يظفر.
وأثناء المعركة أُصيب النعمان فرآه أخوه نعيم ، فسجاه بثوب وأخذ الراية قبل أن تقع ،
وناولها حذيفة بن اليمان ، وقال المغيرة : اأكتموا مصاب أميركم حتى ننتظر ما يصنع الله فينا وفيهم لئلا يهن الناس.
ثم هزم الله عز وجل الفرس ، وهرب الفيرزان فتبعه القعقاع فأدركه مع نعيم بن مقرن في (ثنية همدان) ،
وغسل معقل بن يسار وجه النعمان بن مقرن ، فقال النعمان وهو بين الموت والحياة : من أنت؟
قال : أنا معقل بن يسار.
قَال : ما فعل الناس؟
قال : فتح الله عليهم.
قال النعمان : الحمد لله أكتبوا بذلك لعمر ، وفاضت روحه.
فقال معقل للجند : هذا أميركم قد أقر الله عينه بالفتح ، وختم له بالشهادة.