بينما كان مدير مصنع الورق الشهير منهمكا في الأحاديث والضحكات
بينما كان مدير مصنع الورق الشهير منهمكا في الأحاديث والضحكات ، ورشف القهوة مع ضيوفه من التجار وسكرتيراتهم الجميلات ،
فتح المراسل الباب بسرعة وكاد أن يسقط على الأرض من شدة السرعة ، وكان يلهث وعرقة ينزف بغزارة ، وقال :
سيدي المدير ، سيدي المدير؟ هز الحضور رؤوسهم مستنكرين تصرفه.
قال أحد الضيوف ساخرا : ما هذا ، هل جميع موظفيك “من هذه الماركة” ، من أين أحضرتهم ؟
وضجت الغرفة بضحكات الجميع.
قال المدير موجه كلامه للموظف : أيها المتخلف الغبي ، ليس هكذا يفتح الباب؟
قال المراسل بسرعة وبفارغ الصبر : سيدي إن ..؟
قَال المدير مقاطعا وبحزم : قلت لك أصمت أيها المختل؟
مع استمرار ضحك الحضور ، قال المراسل وهو لايزال متوترا : لا يمكن يا سيدي أن..؟
قاطعه المدير ثانية قائلا : قلت لك أصمت أيها البغل؟
وضج الجميع من جديد بالضحك معا كما وأنهم كورس.
ثم تابع المدير حديثه بشأن صفقة الورق الجديدة بكل هدوء أعصاب ،
بينما المراسل يرفع يده طالبا منه أن يأذن له بالكلام ، لكن المدير بكل حين وبحركة من يده يطلب منه الإستمرار بالصمت.
بقدر فراغ صبر المراسل كان المدير يتكلم بكل هدوء ، بعد أن فرغ من حديثه كان المراسل قد صمت وظهرت على وجهه هذه المرة علامات الأسف والسخرية معا.
فقال له المدير أخيرا : كعادتك ستتعلل الأن بمرافقة زوجتك أو إبنك إلى المشفى ،
أو أن تميت أباك أو عمك للمرة المائة كالعادة كي أمنحك إجازة ، أليس كذلك.
إقرأ أيضا: كان في أحد الأحياء منزلين متجاورين
لكن قلبي الطيب يجعلني أحتملك هنا في مصنعي أيها الغبي بسبب ظروفك الصعبة ،
وكلما طفح بي الكيل واستغنيت عن خدماتك كانت زوجتك تأتي إلي متوسلة كي أعيدك إلى العمل؟
كانت لا تزال ضحكات الضيوف الساخرة مستمرة.
تابع المدير كلامه : الأن أيها الغبي عليك الخروج من الغرفة.
ثم طرق الباب بهدوء والانتظار لحين السماح لك بالدخول ، فمتى ما سمعت ردي بالموافقة حينها عليك بالدخول ؛
لكن بهدوء ، وبعد ذلك عليك بالإستئذان للكلام ، هل فهمت أم علي تكرار ما قلت ؟
قال المراسل بصوت خفيض : نعم ، نعم فهمت يا سيدي؟
ثم خرج المراسل ماشيا ببطء وهدوء وأغلق الباب وراؤه ، ثم طرق الباب ، تأخر المدير في الإجابة ساخرا منه ، ثم أخيرا قال :
أدخل؟
وعندما دخل المراسل وقبل أن يتكلم قال المدير : ما هذه الرائحة؟
قال المراسل : أتأذن لي الأن يا سيدي بالكلام.
قال المدير : نعم تستطيع التحدث الأن ، تفضل يا أستاذ.
قَال المراسل : أحقا أستطيع التكلم؟
قال المدير متهكما : أتمازحني أيها الغبي هيا تكلم أو أغرب عن وجهي؟
قال المراسل بهدوء : سيدي المدير لقد شب حريق في المصنع وقد حاصر جميع الموظفين في الداخل ،
ولابد أنه الأن قد أتى على المصنع بأكمله.