تأملات في آيات من سورة البقرة
تأملات في آيات من سورة البقرة
في وقت بعد زمن سيدنا موسى عليه السلام
طلب بنو إسرائيل من الله أن يبعث عليهم ملكا ،
حتى يواجهوا به الظالم المستبد جالوت فبعث الله ملكا إسمه طالوت فلم يرضي به بنو إسرائيل لأنه لا يملك أدوات الملك وليست فيه سمات الملوك في نظرهم.
فطلبوا منه أن يأتيهم بآية ، أو علامة تبين أنه ملك ، فآتهم علامة وهي التابوت ، والتابوت له دلالة علمية عند اليهود بني إسرائيل ،
فلما أتاهم به أنكروا عليهم ما جاء به ، وشاء ربنا تبارك وتعالى أن يسوق عليهم الإبتلاء والإمتحان.
فقال لهم هناك نهر ممنوع على أي شخص أن يشرب منه إلا القليل منهم ، ولكنهم شربوا منه جميعًا إلا القليل ، وخالفوا كلام الملك طالوت.
ففرض الله عز وجل عليهم المعركة والقتال ، لمواجهة جالوت هذا الشخص القوى الجبار الذي يحتاج إلى قوة كبيرة في مواجهته ،
فقالوا لطالوت : “لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ” أي أنهم لم يستطيعوا مواجهة هذا الملك الجبار وجيشه الكبير.
وفي هذا العهد كان هناك جندي وهو سيدنا داود وكان صائب الرمية فصوب هو سهامه على جالوت حتى قتله وانتصر جنود طالوت ،
وآتى الله سبحانه وتعالى سيدنا داود القوة والحكمة.
إقرأ أيضا: عبادات سهلة جدا و لا تحتاج لأي مجهود مادي أو بدني
قال تعالى (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ)
القائد طالوت أخبر جنوده أنهم سيمرون على نهر ، وأمرهم ألا يشربوا منه مع وجود العطش الشديد.
فالكثير من جنوده عصوه وشربوا حتى ارتووا أما القليل فأطاعوه والبعض شربوا غرفة بيدهم فقط ليطفئوا عطشهم ففازوا ونجوا معه.
فهذه الدنيا إختبار لنا كمثل النهر المذكور بالآية.
أمرنا الله ورسوله ألا نأخذ من الدنيا إلا الشيء الذي فيه صلاحنا وفيه مرضاته وألا نجعلها مبتغانا فنلهث ورائها حتى تصبح كل تفكيرنا وإنشغالنا.
إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ …….. فَشَرِبُواْ مِنْهُ*
منا من هم مثل هؤلاء أشغلته الدنيا من أعلى رأسه إلى أخمص قدميه فصار يلهث وراء المال والشهرة والتفاخر بمتاع الدنيا وشرب منها وخسر الإختبار.
وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ
ومنا من هم مثل هؤلاء لم ينغمس بالدنيا بتاتا ، وتمسك بحبل الله وهو بزمن الفتن.
فلم يُبدّي شيئا على مرضاة الله مهما كان ،
فهذا من اللذين إصطفاهم الله وجعلهم من المقربين.