تزوجت منذ خمسة عشرة عاما من شاب طيب خلوق
تزوجت منذ خمسة عشرة عاما من شاب طيب خلوق إلا أنه ضعيف الشخصية نوعا ما ولا قِبَلَ له بمواجهة أهله خاصة أخيه الأكبر.
حينها كنت أبلغ من عمري عشرين عاما ، فتاة طيبة مقبلة على الحياة تحب زوجها وتحترمه ،
وترغب فقط بأن تعيش حياة عادية ككل الحيوات حولنا الآن.
لكن للأسف إندلعت الشجارات بين زوجي وأخيه الأكبر نتيجة لأمور تافهة لم تكن تستحق كل هذه المشاكل ،
وقتها كنت أما لطفلين توأم وضعتهما قبيل أيام.
لكن حالتي الصحية المتدهورة وصغاري الذين يحتاجون لأب يشارك أمهم رعايتهم والإعتناء بهم ،
لم يشفعا لي عندي عمهم الذي فوجئت بأنه جاء ليعلن رغبة زوجي بالطلاق ، بعد تفاصيل كثيرة لا أحب إزعاج القارىء بها.
بعد أربعة أشهر من الوضع تحديدا ، فوجئت بأنهم يطعنوني في عرضي ويتهمونني باتهامات لا تليق ،
كانت حادثة بشعة وقصة قاتلة أسأل الله ألا يكتبها على أحد من بعدي.
في النهاية تم الطلاق دون أن أحصل على حق واحد من حقوقي ، لأنني إمرأة غير مهذبة على حد قولهم.
مطلقة ، مشوهة السمعة ، فاقدة لأبنائها ، تعيل نفسها لأن أخيها الوحيد بات يستحي من علاقة الإخوة التي تربطه بها.
ثم ها أنا بعد ثلاثة عشر عاما أقف بين الجموع على المقابر في جنازة عَمِّ أولادي.
الرجل الذي حول حياتي أنا إلى جنازة طويلة ها هو بينه وبين الإله الذي حرم الظلم على نفسه بضع لحظات!
وقفت بين الناس الذين أدهشهم حضوري كنت قد أعددت كلاما كثيرا لأقوله على قبره ،
لكن في النهاية هزمتني أدمعي من هول الموقف ورفعت بصري للسماء قائلة “يا رب ها هو بين يديك قد أفضى إلى ما قدم ،
لم يرحمني حية فلا ترحمه ميتا ولم يضع إعتبارا للحظة كهذه فأخرجه من كل إعتبارات رحمتك ،
اللهم إنه ظلمني وكأنه سيعيش أبدا فاجعله عبرة لكل ظالم بعده”!
بعد الدفن فوجئت بأحد أبنائي يقول لي : ماما سامحي عمو!
إقرأ أيضا: في عام 1977م قامت السيدة الأمريكية لورا شولتز
كانت هذه هي المرة الأولى في حياتي التي أسمع فيها كلمة ماما ، وارتجفت روحي عند سماع الكلمة ،
ورغِبتُ من كل قلبي أن أقدر على مسامحة الرجل فعلا إكرامًا لكلمة ماما الجميلة التي لازالت حلاوتها عالقة في أذني حتى الآن.
لكنني والله رغما عني وجدتني أقول اللهم كما حرمني من أبنائي وهم على قيد الحياة فاحرمه من رحمتك وهو على قيد الموت.
اللهم إني خصيمته أمامك لأنه حرمني منهم وقد إخترتك لقضيتي قاضيا فافعل به ما يليق بعدلك أنت!
أحببت أن أنبهكم بأن حقوق العباد لا تسقط بالتقادم ولا بطول القيام ، وكثرة الحج ، والعمرات ، أو الصيام ،
ولا حتى بالإستشهاد في المعارك في سبيل الله!
وإنما تسقط بتأديتها لأصحابها ، وطلب العفو منهم إن إغتبتهم أو إفتريت عليهم دون وجه حق ،
فقم وأدِ لهم حقوقهم ، قبل أن يغلق عليك قبرك فتعذب لأجلهم أبدا.