تشابه الأرواح في علم النفس
كل إنسان له شبيه روحي يتناسب معه ، فكما أن هناك من يحبك بلا سبب ، هناك أيضا من يكرهك بلا سبب ،
وأحيانا تعجب روحك بروح إنسان آخر تحس بمشاعر لا تعرف لها تفسيرا ولا تجد لها أثرا.
فقط سوف ترتسم على وجهك إبتسامة تعجُب وتحس بشعور يمازج قلبك وفرح يداعب وجدانك ،
فتجاذب الأرواح من أسمى وأرقى العلاقات الإنسانية ،
لأن الوجوه والأشكال تتكرر أما الأرواح فلا تتكرر فعالم الأرواح يتعدى الشكليات والماديات ،
حيث التجانس في الطباع الباطنة والأخلاق الخفية.
وهذا ما يسمى بالتخاطر العاطفي أو الإلتقاء الروحي ، أرواح إلتقت واتفقت واشتاقت ،
يجمعها تجانس عجيب تساق لبعضها البعض كما تساق إلينا الأرزاق!
ومما لا يدركه الكثيرون أنه قد يحدث تلاقي غير عادي بين الأرواح البشرية ، وذلك التلاقي عادة ما يكون مرتبطا بحالة الإنسجام الفكري.
والإرتباط الإنساني بين شخصين لدرجة أنهما يستشعران وكأنه يوجد بين روحيهما همزة وصل, ،
فهنا تحدث الكثير من المصادفات الحياتية بينهما.
والغريب أن الغالبية العظمى من الأشخاص المحيطين بهما ، يعللون هذه الأحداث بأنها من قبيل الصدفة أو الإتفاق المسبق ،
ولا يدركون أنه عندما يحدث تجاذب بين الأرواح ، تصبح مهيأة تماما لأن تتطابق في أحاسيسها ومواقفها ،
وردود أفعالها دون سابق إنذار.
تستطيع أن تشعر ببعضها رغم بعد المسافات وهذه الحالات وإن كانت نادرة الحدوث ، إلا أننا لا يمكننا إنكار وجودها تماما ،
إقرأ أيضا: عندما يتسلل الخوف إلى القلب
فهي مرتبطة باللاشعور لدى الإنسان ، وهذا التوافق بين إنسان وآخر لا يكون بسبب توافق عمري ولا جنسي ولا لوني أو بطول العشرة ،
ولا بالرفقة المستمرة ، ولكنها سر من أسرار التوافق الروحي ،
ونعمة قدرية تصيب قسم من الأشخاص ولا يدركون لها تفسيرا منطقيا أو عقلانيا واضحا.
والحياة شاهدة من حولنا على هذا التوافق والتنافر ،
ففي الكيمياء هناك أيونات تتفاعل وتتجاذب ، وفي الفيزياء هناك عناصر تتآلف وتتنافر ،
وكذلك الأرواح تتجاذب وتتنافر لأنها الأصدق إحساسا والأكثر عمقا ،
يقول مصطفى محمود رحمه الله : الحب ثمرة توفيق إلهي وليس ثمرة إجتهاد شخصي ،
هو نتيجة إنسجام طبائع يكمل بعضها البعض الآخر ونفوس متآلفة متراحمة بالفطرة.
وفي علم النفس : سبب عدم قدرتك على إخراج شخص من تفكيرك هو أن الشخص ذاته يفكر بك أنه تجانس الأرواح ،
فالتشابه الأخلاقي يولد تجاذب روحي وقد نذهل أحيانا عندما نجد إنسان يشبهنا ليس بالمظهر ولكن في الروح!
ها هنا قد نتساءل : كيف يقع الحب؟
إن الحب الذي نتحدث عنه بين شخصين ، إنما هو أشبه بطاقة كامنة موجودة من ذي قبل ،
ويتم تأجيل المشاعر إلى حين وصول اللحظة الحقيقية التي تجمع الروحين بلقاء حاسم.
فيتم تلاقي الأرواح وتناغم الفكر وتجانس النبض ولذة النظر ،
ومن هنا يمكن القول بأن علاقات الحب الناجحة المستمرة سببها تآلف الأرواح والعكس صحيح ،
ولعل هذه الظاهرة غريزة فطرية بعيدة عن الحواس الخمس.
أما علم المنطق والعقل فيسمي هذه الظاهرة تآلف الأرواح ،
أو أن الذي حدث قد يكون حدثا من زمن بعيد واستقر بالعقل الباطن حتى جاء الوقت المناسب وصار التلاقي دون ترتيب مسبق ،
أو سابق معرفة.
ويقول مصطفى العقاد :
نحن لا نحب حين نختار ، ولا نختار حين نحب ، إننا مع القضاء والقدر حين نولد ، وحين نحب وحين نموت.