تقع سورة البقرة على إمتداد جزئين وثمان صفحات
تقع سورة البقرة على إمتداد جزئين وثمان صفحات.
في الجزء الاول كان حديث ربنا عن ثلاث خلفاء بالأرض
الخليفة الأول : آدم عليه السلام ، وقد كلفه الله أن لا يقرب الشجرة ليعلم مدى طاعته ،
ولكن الذي حصل أن ” وعصى آدم ربه فغوى ” وسرعان ما ندم وتاب وأناب فتاب الله عليه.
الخليفة الثاني : بنو اسرائيل “ولقد إخترناهم على علم على العالمين “
كلفهم الله بتكاليف فكانت النتيجة في كل مرة المعصية تلو المعصية ولم يتركوا معصية في حق الله إلا واجترموها.
الخليفة الثالث : إبراهيم عليه السلام ” إني جاعلك للناس إماما “
إمتحنه الله وابتلاه فكانت النتيجة أنه أطاع تمام الطاعة.
الجزء الثاني من البقرة نجد أنه يزخر بالأحكام والتكاليف والتشريعات من أحكام الصلاة ،
والصيام والأسرة ، إلى تحريم القتل والربا والزنا ، وإلى أحكام الدين والإنفاق.
وكأن الله يقول لنا ، هذه أحكامي وهذه شريعتي فانظروا أنتم من تكونون من هذه النماذج الثلاثة من عبادي.
مثل آدم عليه السلام تعصون ومن ثم تطيعون
أم مثل بني إسرائيل “قالوا سمعنا وعصينا”
أم مثل إبراهيم وابنه إسماعيل على نبينا وآله وعليهما وآلهما أفضل الصلاة والسلام تطيعون تمام الطاعة ، فاختاروا ما تشاؤون
وفي الصفحات الأخيرة تتنزل آية يضج منها الصحابة خوفاً وهلعاً
“لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله”
لما نزلت هذه الآية أتى الصحابة إلى النبي صل الله عليه وآله وسلم يبكون ، قالوا يا رسول الله ،
أمرنا الله بالصلاة والصيام والزكاة فصبرنا وامتثلنا ، لأننا كلفنا بما نطيق ولكن هذا تكليف بما لا نطيق.
فقال النبي عليه وآله أفضل الصلاة والسلام لا تكونوا كبني إسرائيل مع موسى قالوا سمعنا وعصينا ولكن قولوا سمعنا وأطعنا
إقرأ أيضا: أذكار الصباح بطعم مختلف
فلما قالوها ورددوها وأكثروا منها ورضيتها أنفسهم ، مدحهم الله بقوله في آية عظيمة ..
“آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير”
وأردف رب العالمين آية المدح تلك بآية التخفيف .. “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت”*
وفي الختام كان دعاء الصحابة “ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا “
أي لا تعاملنا يا رب كما عاملت به بني إسرائيل فتغضب علينا عندما عصوا وامتنعوا عن التكليف ،
ولا تعاملنا كآدم عندما أخطأ وعصاك فتطردنا من جنتك.
“ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا”
والإصر هنا هو الحمل الثقيل الذي لا يطاق حمله ، ويقصد به ما أمر به الله بني إسرائيل ليقبل توبتهم عندما قال لهم
“فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم”
“ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين”
وكأن من يقرأ هاتين الآيتين العظيمتين في آخر سورة البقرة يجد خلاصة دعوة الله لعباده ، وما كان منهم على مر العصور.
لنجد المؤمنين ذوي اللب منهم قد وعوا الدرس وعرفوا الطريق بالأمثلة المعروضة عليهم فعلموا ،
أن لا ملجأ من الله إلا إليه ، ولا نصر ولا فلاح إلا بالتوكل عليه.