تقول اشترى لنا أبي بعض المكسرات أنا وشقيقتي ، تناولنا ما يكفينا سويا وتركنا ما تبقى للغد ،
وحين وصل الغد كانت شقيقتي خارجا ، فاشتهيت تناول البقية بنفسي ، فتذكرت حب أختي لها ، لعلها تود المزيد أيضا.
أعدتها لمكانها ، لم أتناولها ، لم أفعل ولم أخبرها عن ذلك.
نهضت لشرب الماء في ليلة باردة ، فلمحت أخي الصغير متكورا في سريره وغطاؤه على الأرض ، لم ينتبه له ،
كان نائما بعمق ، أعدته لسريره ، قمت بتغطيته ، لم يلحظني ، لم يستفق ، ولم أخبره.
وضع أبي هاتفه على الشاحن سريعا ، وبسبب عودته تعبا من الخارج لم يضعه كما يجب ، فقمت بوضعه عوضا عنه ،
أبي كان نائما ، لم يلحظ ذلك ، لم ينتبه ، ولم أخبره.
أمي كررت سرد نفس القصة علي أكثر من مرة ، ضحكت كما فعلت أول مرة ،
لم أوقفها، ولم أتجاهلها ، هي لم تنتبه وأنا لم أخبرها.
ابن جارتنا الصغير ، صبي بعمر السنتين ، لمحته يحاول الخروج للشارع ، لعل هناك من ترك الباب مفتوحا ،
قد يتأذى ، أكيد أمه لم تره ، لم تنتبه له ، حذرته وأدخلته وأغلقت الباب خلفه ، لم يرني أحد ، لم تلحظني أمه، ولم أخبرها.
بائع الشاي الذي اقتنيته منه ، شايه طيب الطعم ، لم أشرب مثيلا له ، أخبرت الجميع عنه ، شجعتهم حتى يشتروا منه ،
لم يدرك هو ذلك ، لم يعلم بما فعلت ، ولم أخبره.
بعض الأفعال ليس ضروريا إخبار غيرنا بها ، ليس لزاما شكرهم لنا ، تلك الراحة التي نشعر بها ونحن نقدم المعروف طوعا ،
تلك السعادة ، الراحة ، الحب ، كافية جدا لننال شكرنا كاملا ، فمثلما شاركنا في رسم ابتسامة عابرة ،
سنجد يوما ما من يشارك في رسم ابتساماتنا العابرة من دون اخبارنا بها.