تقول بعدما جاءت إحدى صديقاتي تدعوني لحفل زفافها ورحلت ، رأت أمي شيئا من الحزن يرتسم على وجهي ،
فسألتني ما الذي يزعجني ، فأخبرتها أنه لا يوجد أي شيء ، ولكنها ظلت تسأل ،
ومع إصرارها أخبرتها أن صديقتي تقول أنني لا أهتم بشكلي وزينة وجهي لذلك لا ألفت أنظار الخُطَّاب نحوي ، فكيف سأحصل على زوج ؟!
تخطيت الثلاثين بعدة سنوات ولم يأتي أي خاطب ، كل صديقاتي تزوجن ،
ومنهن من أنجبت أكثر من طفل وأنا مازلت على حالي ، فابتسمت أمي وقالت :
لا أقصد أن أقلل من قدر صديقتك ، ولكنها لا تعرف عن الحياة ولها عذرها ، فما زالت في التجارب صغيرة.
ثم سألتني ” أليست صديقتك في نفس عمرك؟!
فقلت لها : نعم.
فقالت : ومن ناحية جمال الوجه هي أجمل منك ، فلو كان صحيحاً قولها إذن ما الذي عطل زواجها حتى الآن؟!
إنه النصيب والمكتوب يا ابنتي ، لا بالشكل ولا بالعقل إن كتب الله لك شيئاً سيأتيكِ ، حتى وإن لم يكن من الطريق الذي توقعتيه ،
ثم قامت لشأنها وتركتني للتفكير في كلامها.
نعم كلام أمي بلا أي شكوك صحيح وكلام صديقتي أيضاً صحيح ، لم أكن أضع على وجهي أي مستحضر تجميل ،
وارتدي زينة بسيطة كلما خرجت ، لقد كنت ومازالت مقتنعة أن المرأة صاحبة الروح هي أجمل النساء ،
ولكن ماذا إن اهتممت بنفسي قليلاً في هذا الزفاف؟! لعل شكلي يلفت نظر خاطبي المجهول.
أخذت مبلغاً من مدخراتي وذهبت نحو محلات الأحذية أدقق في كل حذاء ،
وبعد البحث الطويل أعجبني حذاء بلون أخضر فاشتريته ،
وبعد الحذاء اشتريت مستحضرات تجميل وبعض الزينة لعلها تظهر جمال وجهي ومظهري ،
ثم اتصلت بإحدى صديقاتي أعرف أنها تهتم بالملابس كثيرا ، وطلبت إحدى فستانيها ،
إقرأ أيضا: الأميرة واللؤلؤة الجزء الأول
فلم تمانع مررت عليها فاستقبلنني ، ثم فتحت لي خزانة ملابسها وقالت اختاري ما تشائين ،
فاخترت أحد فساتينها يُناسب الحذاء واستعرته منها.
ثم جاء يوم الزفاف ، فلبست وتزينت وبقيت أرى نفسي في المرآة حتى رضيت عن شكلي ،
ثم ذهبت وهناك كنت سندريلا حفل الزفاف ، كل من رآني كان يشهد بذلك وحتى صديقاتي لم يقدرن أن يخفين إعجابهن بزينة وجهي وملابسي وحذائي.
كل تلك الأشياء أضافت كثيراً لشكلي ، كل ما كان ينقص هو أميري المنتظر ، ولكن أميري لم يأتي ،
لا في اليوم الذي بعد الزفاف ولا في الشهر الذي يليه.
تناسيت الأمر وعدت لكتبي وقراءاتي وندوات الأدب التي أعتدت الذهاب إليها ،
وفي يوم ذهبت لإحدى الندوات الأدبية ، أعجبني موضوع الندوة ،
فتناقشت بقوة مع المحاضر والحاضرين ، ولما انتهت الندوة جاء أحد الحاضرين ، وقال :
لقد سحرتيني ولا أعرف كيف ولماذا؟!
فاستغربت من كلامه ، فقلت له : من مظهرك وطريقتك تبدو مهذباً ولا تعاكس ،
أظن أنك تقصد أن تخبرني أن مناقشتي في الندوة أعجبتك ، فقال :
لا ، اعذريني على صراحتي لا يوجد عندي أي اهتمام بالأدب ،
لم أكن أرغب بالحضور لولا إصرار أحد أصدقائي على حضوري فجئت لخاطره ،
لستُ متأكداً من سبب انجذابي نحوك ، ولكني متأكد أنكِ المرأة التي ستملأ حياتي ، كنت أسمعه وأبتسم ،
ولا يدور في رأسي إلا كلام أمي حين قالت :
لا بالشكل ولا بالعقل إن كتب الله لك شيئاً سيأتيك ،
حتى وإن لم يكن من الطريق الذي توقعتيه.