تقول حليمة السعدية قام زوجي إلى الناقة وإذا ضرعها قد إمتلأ باللبن فقال وهو فرح مسرور يا حليمة ،
ألم أقل لك أن هذا الصبي بركة ؟
فحلبها وشربنا ونمنا بخير ليلة
في الصباح تجهز القوم للسفر ليعودوا لديارهم
تقول حليمة : ركبت أتانِ (الحمارة) وكانت الحمارة نحيفة تضرب أقدامها ببعض حتى جرحت
فركبت وحملت محمداً معي وإذا بها أنطلقت وكأنها تسابق الركب وصاحباتي يقولون : يا حليمة ، يا حليمة
أتعبتينا في طريقنا إلى مكة ونحن ننتظرك لتلحقي بنا
والآن أتعبتينا ونحن نلحق بك
أليست هذه أتانك (الحمارة) التي أتيتي بها من ديارنا ؟
فترد عليهم حليمة : بلى هي
يقولون لها : قولي لنا ما شأنها ما الذي حل بها (أي ما قصتها)
تقول : لا أدري
فيقولون لها : فعلاً إن أمرها لعجيب
حتى أقتربوا من سوق عكاظ وكانت قبائل العرب تجتمع في هذا السوق للتجارة وتعرض بضاعتها ،
وتبدأ كل قبيلة تلقي الشعر والقصائد بمدح قبائلهم ويتافخروا فيعكظ كل واحد على الآخر بالشعر
(أي يتفاخر) وهو سبب تسميته سوق عكاظ ويتواجد فيها اليهود وسياستهم مسك العصب الرئيسي للإقتصاد.
نظر أحبار اليهود لقافلة بني سعد قادمة من بعيد عرفوا أنها هذه القافلة تحمل رسول الله
لأنه يوجد في كتبهم صفات نبي آخر الزمان من صفاته عندهم أنه مظلل بالغمام (صل الله عليه وسلم)
وكان بني سعد قادمون نحوهم ومعهم حليمة تحمل رسول الله وأحبار اليهود جالسين في سوق عكاظ
فلما نظر الأحبار للقافلة تأتي من بعيد وفوقها غمامة والسماء كُلها لا يوجد فيها غيمة إلا تلك الغيمة
كانت إذا وقف الركب توقفت الغيمة فوقهم وإذا مشوا تمشي معهم
إقرأ أيضا: كنت استمع لمقطع تلاوة قرآنية قصير بصوت قارئ راق لي
نظر الأحبار إلى بعضهم البعض مندهشين
فقال أحدهم : وربِ موسى إن هذه القافلة تحمل أحمد
فاتفقوا على أن يعرضوا أنفسهم على القافلة على أنهم عرافين
وهي تمثيلية ليستطيعوا أن يعرفوا من خلالها على أحمد وله علاماته عندهم)
فعرضوا أنفسهم على القافلة وكانوا أكثر من حبر فتهافت الناس عليهم
حليمة السعدية أحبت مثل باقي النساء معها أن ترى ما هو سر هذا المولود الذي تحمله فقد أحست هي وزوجها ببركته صل الله عليه وسلم
وكان عندهم جهل في تلك الأمور
فقالت حليمة لأحدهم : أُريد أن أُريك هذا المولود
فقال لها الحبر : أين ولدك ؟
فعرضت عليهم النبي صل الله عليه وسلم
فلما نظروا إليه وأخذوا يتفحصون صِفاته ارتسمت في وجوههم الدهشة وأخذوا ينظرون لبعضهم البعض ثم ينظرون إلى النبي صل الله عليه وسلم
فقالوا لها : ما هذه الحمرة في عينيه ؟
(وكان في بياض عيونهِ صل الله عليه وسلم حمرة لا تفارقه وهي نوع من أنواع الجمال
عروق رقيقة حمراء في بياض عيونه)
فقالت حليمة : لا أدري هي في عينيه من ساعة ولادته !
فقالوا لها : أيتيمٌ هو ؟
هنا حليمة أحست بسؤالهم ودهشتهم بشيء غريب خوُّفها منهم
فقالت حليمة : لا ، ليس يتيم وهذا أبوه وأشارت إلى أبي كبشة
فقال واحد من الأحبار اليهود للآخر : أتراه هو ؟
فأجابه الآخر : أي وربِ موسى وعيسى هو !!
ثم صرخ في الركب (أي بقبيلة بني سعد قوم حليمة)
أيها الناس أقتلوا هذا الصبي فإنه إن بلغ مبلغ الرجال ليسفهن أحلامكم وليبدلنّ دينكم وليكفرنّ من مضى من آبائكم
ويلٌّ للعرب ويلٌ للعرب ،
فصرخت حليمة في وجهه وقالت : ويلٌ لك أنت ، اطلب لنفسك من يقتلك أما نحن فلا نقتل ولدنا !
فقال الآخر : ألم تقل لك أنه ليس يتيم
فقال له : نعم ، لو كان يتيماً لقتلته الآن
فلما سمعت حليمة قولهم ضمته لصدرِها وهربت فيه بين الناس وأختفت عنهم وهي خائفة أن يكتشفوا أنه يتيم.
وتأكدت حليمة أن هذا الصبي تدور حوله أمور غير عادية
صلوات ربي وسلامه عليك يا حبيب الله.