تقول لازلت أذكر السنة الماضية حين هددت إخوتي

تقول لازلت أذكر السنة الماضية حين هددت إخوتي أنه بعد زواجي سأتخلص منهم ولن أعود إليهم مجددا ،

فأنا سأكون سعيدة بعيدا عن إزعاجاتهم المتكررة لي ومضايقاتهم المعتادة لي ،

وها هو رمضان يحل وأول شهر فضيل أقضيه بعيدا عنهم.

بدا لي الأمر جيدا فقد مللت منهم ومن إنتقاداتهم لكل أنواع الوصفات التي أجربها على المائدة الرمضانية ،

وسخريتهم الدائمة منها إن كان طعمها سيئا.

أول أيام الصيام يحل وشعور غريب يتسلل إلى أعماقي وكأني أفتقد شيئا ما ، نكهة ما اعتدت عليها وألفتها ،

ورغم أني حققت تلك الأمنية أخيرا وجعلت رمضان هذه السنة مختلفا عن سابقيه ، إلا أني لا أشعر بالسعادة التي كنت أتوقعها ،

حتى أن بعض الحزن تسلل إلى قلبي وذكرياتي الجميلة برفقتهم تمر على مخيلتي الواحدة تلو الأخرى ،

وهذا ما جعلني أبتسم بمفردي كالمجنونة وأنا أفكر فيما سيفعلونه من دوني ، وما الذي يفعلونه الأن وأنا لست بينهم.

لا أعلم إن كانوا يشعرون بغيابي كما أشعر أنا بذلك ، لكني أفتقدهم حقا ، أفتقدهم كثيرا وأرغب فعلا لو كنت معهم.

جلست رفقة عائلتي الجديدة وباشرنا الإفطار ، لكن أنا لم أستطع تناول طعامي كما يجب وكما اعتدت دوما ،

حتى أنهم لاحظوا ذلك ، يبدو أن نظرات الحزن والشوق في عينيي فضحتني رغم محاولاتي لإخفاء الأمر عنهم ،

فهذه هي سنة الحياة ويجب الإعتياد على الأمر ،

لكن تصرفاتهم ومحاولاتهم للتخفيف عني كافية لتخبرني أنهم يشعرون بما أحس به.

حاولت الأم تعويضي حنان والدتي والأب إهتمام والدي وحرصه ،

أما الاخوة فسعوا إلى تلطيف الأجواء كما يفعل إخوتي عادة ،

إلا ذلك الرجل الذي إختطف قلبي وكان سببا في شعوري هذا بقي صامتا طول مدة جلوسنا ،

وكأنه في عالم آخر لا يحس بي وأنا من ظننت نفسي قطعة من روحه!

إقرأ أيضا: الرابعة بتوقيت قلبي

نظفت المائدة بعد ذلك ، أما رجال الأسرة فتوجهوا لصلاة التراويح ،

بينما حاولت أن أكون طبيعية سعيدة حتى أتعود على الأمر فليس لي حل آخر ،

وما إن عادوا من الصلاة لمحت زوجي يدخل الغرفة يحك رأسه بإصبعه مبتسما : جهزي نفسك سنزور بيت أهلك.

إتسعت عيناي من الدهشة ، الآن!؟ لكن يجب إخبارهم أولا.

لمعت عيناه بنظرات حب ورسمت إبتسامة جميلة على وجنتيه :

لا تهتمي لقد أخبرتهم مساء أننا سنزورهم بعد الصلاة ، أسرعي أنا في السيارة أنتظرك ، لا تتأخري.

طرت من مكاني فرحا ، باشرت في تجهيز نفسي وأنا أحمد الله على إمتلاكي زوجا مثله ،

يتفهمني حتى دون أن أشكوه ألمي لكنه يعرفني جيدا حتى أكثر من نفسي ومهما حاول إخفاء ذلك نظراته وتصرفاته تفضحه ،

كيف لا وأنا قطعة من روحه كما ظننت دوما ، بل أنا روحه كلها.

Exit mobile version