جحا يرد بقوة على الرجل اللئيم
يقول جحا مررت يوما برجل غريب عن بلدتنا يأكل طعاما فاخرا ، وكان الجوع قد بلغ مني مبلغا شديدا ،
فسلمت على الرجل وجلست بجواره لعله يدعوني لآكل معه.
وانتظرت طويلاً ولكنه إستمر في إلتهام طعامه وينظر إلي بين الحين والحين ،
ثم قال لي : من أنت؟ ومن أين أتيت.
فقلت له : أنا جحا ، وقد أتيت من حيكم الآن.
فقال : أتعرف حينا؟!
فقلت : نعم أعرفه.
فقال : أتعرف إبني مروان؟ فقلت : نعم ، إنه يلعب في الحي ويرعى الغنم.
فقال : وكيف حال أم مروان زوجتي؟!
فقلت : بخير ، وفي أحسن حال.
وأخذ يسألني وأنا أجيبه لعله يدعوني إلى الطعام ، ولما وجدته منهمكاً في الأكل متجاهلاً إياي ،
قررت أن أنغص عليه طعامه ، فتظاهرت بالإنصراف ، وقلت له :
نسيت أن أخبرك أن حيكم قد أصابه وباء ، وانتشر فيه اللصوص خاصة بعد موت كلبكم.
فقال : وما سبب موته؟
فقلت : لأنه أكل كثيراً من لحم جملكم. فقال:
أمات الجمل أيضاً؟!
فقلت : نعم ، لقد تعثَّر في قبر أم مروان ، فذبحه الجيران ووزَّعوا لحمه بينهم.
فقال مذعورا : وهل ماتت أم مروان كذلك؟!
فقلت : ماتت حزنا على موت إبنك مروان.
فقال : أومات مروان أيضاً؟! فقلت : نعم تهدمت عليه الدار ، ومات تحت الأنقاض.
فقام الرجل يجري جزعا تاركا طعامه ، فهجمت على الطعام ، وأخذت آكل حتى شبعت بعد جوع ، وقلت لنفسي :
هكذا حال اللئام ، لا تأكل في أفراحهم قدر ما تأكل في مصائبهم.