جريمة الأستاذ نبيل معلم اللغة العربية
جريمة الأستاذ نبيل معلم اللغة العربية
قبل يومين بينما أنا على رأس عملي ، قالت لي إحدى الزميلات : يا نبيل ، أعطني التقارير كي أعطيها للمدير.
فقلتُ لها : حاضر ، لكن ضُمّي نبيل أولاً!
فالمنادى يجبُ ضمُّه ههنا.
وقد كانت زميلتي لا تعلمُ الإعرابَ ولا المنادى،
فذهبتْ واشتكتني لمديرِ العمل ،
لم يكتفِ بطردي ، بل اتصَّلَ بمديرِ المباحث في قسم الشرطة وسلَّمني إليهِ بتهمة التحرش بإحدى الموظّفات.
أخذتني الشرطة ، وبعدَ ألفِ صفعة على وجهي ، وألف لكمةٍ على أنفي ، انتهى دوام عساكرِ الصباح ،
الذينَ كلّما قلتُ لهم : قصدّتُ أن تَضُمَّ اللام ، لا أنا!
زادوا في قوة الصفع وعدد الصفعات.
جاء عساكر المساء ، وكانَ في مقدمتهم رجل علمٍ مُبحرٌ في كل شيء ، فسألني : ما تهمتُك يا أيها النبيلُ!
وأشبعَ اللامَ ضمّاً فظهرتْ واوا.
فقلتُ : جاءَ الفرج!
رد سريعاً : أي فرج؟ ومكتوبٌ في سجلّكَ أنَّك متحرشٌ بسكرتيرةِ المدير؟
أجبت : يا عسكريَّ، أنني.
فقاطعني غاضبا : بل يا عسكريُّ.
فقلتُ له : تهمتي هي تهمتُك ، أنَّني صحَّحت خطأً لُغَوياً لإحداهُنَّ فظنَّتهُ تحرُّشاً ، وسردّتُ له القصَّةَ مفصَّلة، ثم أردفتُ :
ها أنا بين يديك ، وها قد علمتَ حكايتي، فاحكم بحكمِ الله ، لا بحكم الجاهلين.
إقرأ أيضا: الظلم ظلمات قصة واقعية
أخذني الشرطيُّ ، ومن حسنِ حظي أنَّه كان برتبةِ ضابط ، فخلَّصني من القيود ، ولم يكتفِ بذلك ،
بل أخذَ بي إلى مكانِ عملي في اليومِ التالي وشرحَ قصَّتي لمديرِ العمل ، الذي تبينَ لنا من خلالِ فكرهِ المحدود ،
أنه لم يجتزِ الثانويةَ العامة ، وقدَّمَ اعتذاراً للموظَّفةِ بالنَّيابةِ عني.
وفي نهاية الإجتماع ما عدت أنسى عبارةً باتت لا تُفارقُ سَمعَ عقلي :
(خاطبِ الناسَ على قدرِ عقولهم)، فالمُخاطَبُ يحكُمُ عليكَ بما وعاهُ عقلهُ ، لا بما أردته أنت.