جريمة نملة!
جلس ابن القيم تحت ظل شجرة ، فرأى أمرا عجبا؟
رأى نملة تسير بجوار مكان جلوسه ، حتى دنت من جناح جرادة ، فأرادت حمله معها مراراً فلم تستطع لثقله عليها ،
فاتجهت إلى معسكرها ( قرية النمل تحت الشجرة ).
فما لبثت حتى جاء فوج كبير وجم غفير من النمل معها لمكان الجناح ،
( يبدو والله أعلم أنها استنفرتهم لمساعدتها )
فلما دنا الفوج من المكان ، رفع ابن القيم جناح الجرادة ، فبحثوا فلم يجدوا شيئا ، فعادوا إلى مكانهم وقريتهم بعد أن أضناهم التعب.
وبقيت نملة واحدة ، ظلت تبحث بهمة عالية ،
( يبدو أنها النملة الأولى التي أبصرت الجناح أولا ).
فأرجع ابن القيم الجناح ، فلما رأته طربت له ، وحاولت سحبه فلم تستطع ،
فاتجهت مسرعة إلى رفيقاتها ، ولكنها أبطأت في الخروج من القرية.
( الظاهر أنها حاولت إقناعهم بصدق حديثها ، حيث قلت مصداقيتها لما جرى في المرة الأولى )
ثم خرج معها فوج أقل من المرة الأولى ، حتى دنوا من مكان الجناح ، فرفعه ابن القيم قبل وصولهم ، فلم يجدوا شيئا.
فلما أضناهم البحث ، رجعوا إلى قريتهم خائبين ، وبقيت نملة واحدة تبحث كالمصروعة.
( لعلها نفس النملة بطلة الحدث )
وحينها أرجع الشيخ الجناح إلى مكانه ، فلما رأته طربت له ثانية ، وانطلقت مسرعة إلى القرية ،
وأطالت جدا أكثر من الثانية ، ثم لم يخرج معها إلا سبعة فقط ، فلما دنوا من مكان الجناح رفعه ابن القيم قبل وصولهم إليه ،
فلم يجدوا شيئاً، فاشتاطوا غضبا ، على ما يبدو ، حتى أنهم أحاطوا بها كالمعصم ، وجعلوها في وسطهم.
ثم ماذا؟
إقرأ أيضا: قصة أمسكني من ثيابي وحملني وألقاني خارج السيارة
لقد انقضوا عليها فقطَّعوا رفيقتهم النملة قطعة قطعة ، فبقروا بطنها وفصلوا رأسها عن جسدها وكسروا أطرافها
( ولا حول ولا قوة إلا بالله )
وبعد أن أنهوا فعلتهم ألقى إليهم ابن القيم بالجناح ،
فلما أبصروه ندموا كثيرا وأحاطوا برفيقتهم المسكينة وقد انتابهم حزن كبير ولكن بعد فوات الوقت.
قال ابن القيم : فهالني ما رأيت ، وأحزنني ذلك كثيرا.
فانطلقت إلى شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله فأخبرته الخبر فقال
أما أنت فغفر الله لك ،
ولا تعد لمثلها وأما ما حدثتني به فسبحان من علم النمل قبح الكذب وعقوبة الكذاب.
سبحان الله انظروا حتى الحشرات تستقبح الكذب وتترفع عنه وتنكر على الكذاب فعله ،
لأها على الفطرة وفطرتها تهديها الى التحلي بالأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة ،
والتخلي عن الأخلاق الرذيلة والصفات القبيحة.